«لا» 21 السياسي -
حدثني أحد القلة القليلة الباقية من فاعلي/ شهود ثورة 26 أيلول/ سبتمبر أنه وبعد أشهر من ذلك اليوم كان في مهمة شبه رسمية لمقابلة القاضي محمد محمود الزبيري، وزير التربية والتعليم في أول حكومة للثورة، واتجه إلى حيث أشار إليه البعض بأنه سيلقاه فيه؛ ولكنه لم يجده وسأل عنه ليخبره البعض الآخر بأن القاضي في بيته، فذهب إليه في زيارة غير مرتبة مسبقاً أو معدة سلفاً، وفوجئ الرجل حين دخل على الزبيري ليجده نائماً فوق حصيرة.
في المقابل يحكي الشاعر الكبير عبدالله البردوني عن الفترة ذاتها أنه كان في زيارة لأحد ضباط ما بعد الثورة في منزله، وحينما دخل وجلس في الديوان لاحظ المجلس الوثير والمريح الذي حط عليه، وكان يعلم حالة الشظف التي كان يعيشها ذلك الضابط من قبل، فسأله البردوني: ما كل هذا يا فلان؟! ومن أين؟!
ليجيبه الضابط: إذن فلماذا قمنا بالثورة يا أستاذ؟!
ويرد البردوني ببديهته المعهودة: لقد ظلمتم آل حميد الدين؛ فما يملكه أصغر ضابط منكم اليوم أكثر مما كان لدى الإمام نفسه!
وفي رواية مشابهة وبعد عودة أول رئيس جمهوري يمني، المشير السلال، إلى صنعاء بعد توقيعه عقوداً في منفاه خارج اليمن كان في مقيلٍ بمنزل رئيس مجلس الشعب التأسيسي السابق وعضو مجلس الرئاسة بين بداية ومنتصف تسعينيات القرن الماضي، القاضي عبدالكريم العرشي. استأذن السلال لدخول بيت الخلاء وتأخر في الخروج، وحين رجع سأله أحد الحاضرين عن سبب تأخره، فأجاب بسخريته اللاذعة: «لقد دُهشت مما رأيت في الحمّام من خزف وأوانٍ و... و... ومرايا في كل الجدران. الصدق ما قد ابسرت (رأيت) جحري (مؤخرتي) إلا في حمام القاضي العرشي! تشتوا الصدق؟! لقد ظلمنا بيت حميد الدين!
طبعاً كان السلال مقرباً جداً من الإمامين أحمد وابنه محمد (البدر) وكان قائد حراسة الأخير.