الألماني كــلاوس استدعـانـي للمنتخب والبرازيلي لوسيانو تجاهلني 

حاوره:أنور عون / لا ميديا -
صاحب نجومية مطلقة، ابتداءً من الكرة الطائرة وانتهاءً بكرة القدم، وعصامية متناهية في المعيشة، إلى جانب صراحته وشجاعته في مواجهة السلبيات التي تعتري ملاعب الساحرة المستديرة.
عبدالله محمد فارع الشرجبي، من مواليد حي القلوعة بمدينة عدن. انتقل شابا صغيرا إلى صنعاء، مدينة النجومية، التي توهج فيها الشرجبي في عالم كرة القدم من بوابة الوحدة.
الشرجبي، الملقب بـ"مرعب الحراس"، "القاتل"، "السهم الأزرق"، يعود للساحة الكروية من ملعب صحيفة "لا" بحوار الذكريات والتطلعات والمواجع، مع الزميل فيلسوف الحروف الرياضية أنور عون، فإلى حوار الأسبوع...

  مرحبا بك كابتن في هذا الحوار!
- أهلا وسهلا بك أخي أنور، وسعيد بالحوار مع ملحق "لا الرياضي".

بدأت في الميناء
  من أين كانت بدايتك مع كرة القدم؟
- جئت إلى صنعاء أواخر العام 1983، وكنت قبلها في عدن ولعبت مع ناشئي الميناء، وأتذكر أنه في بداية الثمانينيات أقيمت في عدن بطولة رمضانية فزت فيها بلقب الهداف الأول للبطولة، وكان عمري حينها أقل من 16 عاما.
لعبت في حواري القلوعة، مصنع أبطال اللعبة. وأكثر ما كان يشدني لعالم كرة القدم وأنا في تلك السن، النجوم الكبار والعمالقة، بما تحمله الكلمة من معنى، مثل سعيد دعالة وأبو بكر الماس وجميل سيف (تمباكو) وعزيز الكميم... الذين كانوا يمثلون أندية القمة التلال ووحدة عدن وشمسان... بعدها انتقلت إلى العاصمة صنعاء كما قلت لك عام 1983.
  لماذا انتقلت إلى صنعاء؟
- بسبب الظروف في الجنوب حينها، والتي أدت إلى انتقال الكثير مثلي إلى الشمال.

بطولة الطائرة مع الوحدة
  سمعت أنك فور انتقالك إلى صنعاء ذهبت مباشرة إلى نادي وحدة صنعاء. لماذا اخترت الوحدة؟
- مهلا عزيزي، سأخبرك الحكاية. اخترت الوحدة لأنه نادي لليمن كلها في تلك الفترة، وكنت أسمع عنه وأنا في عدن، وأبوابه مفتوحة للجميع.
في البداية لعبت في الوحدة لموسم في لعبة الكرة الطائرة. لا تستغرب، فقد انخرطت في الكرة الطائرة لمعرفتي بها ولبعض نجومها. وفي تلك الفترة لعبت موسما كاملا لفريق وحدة صنعاء للكرة الطائرة، وحصلنا على لقب البطولة.
خلال فترة لعبي للطائرة كنت أدرس في ثانوية الكويت، ولعبت ضمن منتخب المدرسة، وحينها كان مديرها الأستاذ الفاضل نبيل الشامي، والمعروف أنه مشجع من الصميم لأهلي صنعاء. طبعا قام الأستاذ نبيل الشامي بأخذي إلى النادي الأهلي، وهناك تم إعطائي استمارة انتساب للنادي لتعبئتها. أخذت الاستمارة وقلت لهم: سأعود؛ ولكني وجدت نفسي في الوحدة أفضل، ولم أعد للأهلي، وكنت دائماً محرجاً من المدير المحترم، عندما كان يقابلني يعاتبني وانتهت المسألة واستقررت في زعيم الأندية.

الخوف من الكبار
  قلت إنك لعبت مع فريق طائرة الزعيم أولا. كيف لعبت الكرة الطائرة وأنت كنت هدافا لناشئي كرة القدم في عدن؟
- صحيح، لكن كان فريق الطائرة -كما أسلفت- معظمهم أصدقائي من عدن، وكنت أجيدها عندما كنت في عدن. أما كرة القدم فكان نجومها من الكبار في تلك الفترة وشعرت أني لن أستطيع مزاحمتهم.

بداية رحلة كرة القدم
  وكيف زاحمتهم بعد ذلك؟ ومن اختارك للعب في الفريق الأول؟
- كنت أحب كرة القدم جداً؛ لكن تألقي في الكرة الطائرة جعلني أقول: خلاص، الطريق سيكون مع الطائرة، إلى أن شاءت الأقدار والصدف، وأقيمت مباراة ودية بين قدامى وحدة صنعاء والإعلاميين الرياضيين، أواخر عام 1984، ونحن فريق الطائرة كان لدينا تمرين في الباسكيت بجانب ملعب الظرافي. جلسنا نشاهد مباراة كرة القدم بين قدامى الوحدة والإعلاميين، وكان قدامى الوحدة ينقصهم لاعبان، فاستعانوا بمدرب الطائرة لاختيار لاعبين من فريقنا لسد النقص، فاختارني أنا وزميلي راجي، ولعبت مع القدامى وهدفت بشكل لفت نظر مدرب الفريق الأول بوحدة صنعاء، اليوغسلافي برانكو، الذي قال لي بالحرف الواحد: "من يوم غد تأتي لتتدرب معنا في الفريق الأول؛ أنت الهداف القادم للفريق"، ومن هنا بدأت رحلتي مع كرة القدم.

هداف بين النجوم 
  بماذا شعرت في موسمك الأول مع الزعيم؟ وكيف تدربت مع نجوم الوحدة الكبار؟
- رهبة غير عادية! تخيل نفسك تلعب بالمصادفة ولا حتى في الحسبان مع طارق السيد وعدنان منصر وخالد العرشي وحسين العرشي والمحترف السوداني العملاق وهبة وعبدالناصر عباس وماجد عنقاد وعبدالهادي البربري وصلاح سالم... لكن ثقة المدرب بي أزاحت الرهبة، ونجوم الوحدة كانوا رائعين معي وساندوني، فبدأت الانطلاق من أول مباراة، وكانت أمام أهلي تعز، وكانت البطولة محسومة للوحدة بتسلم درع الدوري، وسجلت يومها هدفين من أمام الشقيقين محمد وعبدالعزيز طه، أبرز مدافعي أهلي تعز، الفريق المتخم بالنجوم والقوة. وفاز الوحدة بالهدفين اللذين سجلتهما. ومن المفارقة إني سجلت الهدف الأول في الدقيقة الثالثة من الشوط الأول، والهدف الثاني في الدقيقة الثانية من الشوط الثاني، وهو الأمر الذي جعل المعلق علي العصري يجن ويصرخ بذهول واندهاش وإعجاب من تسجيلي الهدفين أثناء تعليقه على المباراة.
بعد ذلك كنت أنافس على لقب الهداف في كل موسم، وذات موسم كنت قريباً من تحقيق لقب هداف الدوري؛ لكن عبدالله سعد، مهاجم أهلي الحديدة، خطف اللقب بفارق هدفين؛ لأن معظم أهدافه كانت من ركلات جزاء.

لوسيانو تجاهلني
  وماذا عن المنتخبات؟
- اختارني المدرب الألماني بيتر كلاوس، وأيضاً مدرب ألماني آخر لا أذكر اسمه؛ لكن مشاركة المنتخب ألغيت.
 وفي عهد المدرب البرازيلي لوسيانو، لماذا لم يتم اختيارك للمنتخب؟
- للأسف، كنت من أبرز المهاجمين في تلك الفترة؛ لكن للأسف لم يخترني لوسيانو، وإلى اليوم لا أدري لماذا تجاهلني، وقد وصفته الصحف حينها بقصر النظر.

لهذا اعتزلت
  طبعا كابتن عبدالله أنت اعتزلت اللعب وأنت في قمة مستواك. لماذا؟
- حين هبط فريقي، وحدة صنعاء إلى الدرجة الثانية، عام 1989، حزنت بشدة، وآثرت الابتعاد والاختفاء.
  ولكنك بداية التسعينيات عدت! كيف كانت العودة؟ ولماذا لم تستمر؟
- فعلاً، عدت عام 1992 بعد غياب ثلاثة أعوام. زملائي أصروا على عودتي، وأنا كان الحنين يراودني للعب. لعبت مباراتين فقط، أمام الميناء في عدن وشعب حضرموت في المكلا. وكان شعب حضرموت الأفضل في الدوري ولم ينهزم إلا أمامنا. في تلك المباراة صنعت هدفين لزميلي أحمد عبدالرحيم، وكنت نجم اللقاء. بعدها ابتعدت، رغم مطالبة زملائي بالبقاء.
  ولماذا ابتعدت؟
- في الحقيقة أنا تعودت اللعب مع زملائي السابقين الكبار، وكنت سعيدا بالأجواء معهم، وعندما عدت للفريق رأيت الأجواء تبدلت ولم تعد تناسبني.

اختلاف كبير
  ما الفرق بين جيلكم والجيل اللاحق؟
- الروح، الإخلاص، حب الفانلة والجمهور الوحداوي العظيم... عندما تلعب للوحدة والشعار الأزرق تعرف معنى الوحدة وأن تكون منهم. كان جيلنا مختلفاً بشكل عام، ومختلف الفرق كانت مليئة بنجوم الخطوط (مدافعين ووسط ومهاجمين) على مستوى الكلمة. أيضاً حراس المرمى كانوا عمالقة، وكنا نواجه أمام طليعة تعز عادل إسماعيل (رحمه الله)، والجلال من أهلي صنعاء، ومحمد ناجي وفارس عثمان من أهلي تعز، وعبدالرحمن ثابت من اليرموك، وأمين السنيني في الزهرة، ومحمد جعوان حارس المجد...
  أفضل أهدافك...؟
- أمام أهلي صنعاء دائما وبالتخصص.

العرشي لاعب استثنائي
  أكثر من كان يفهمك في الوحدة؟
- خالد العرشي كان كيمياء غير عادية ولن تتكرر.
  كيف ذلك؟
- خالد العرشي لاعب كبير استثنائي، كنت أحفظه، وهو كذلك يحفظ تحركاتي في الملعب. عندما أراه يستلم الكرة ويسرع، أعرف أنه يتوجب عليّ التمركز، وإذا أبطأ أدرك أنه سيرسل الكرة إلى مكان معين، وكانت كلمته المشهورة لي: "شرجب، أوفر". وكان أجمل أهدافي في شباك عادل إسماعيل، عميد حراس المرمى، حيث أرسل العرشي أوفر داخل خط الـ18، وكان أمامي المدافع الطلعاوي علي أسعد (رحمه الله) وخلفه شقيقه فيصل، فأخذت الكرة من فوقهما وأرسلتها إلى المقص الأيمن لمرمى عادل إسماعيل.

رجل الرياضة الأول
  ابتعدتَ لفترة عن العمل التدريبي والإداري للوحدة. لماذا؟
- نتيجة الظروف وعدم الاهتمام. لكن الحمد لله، أعمل في نادينا الوحدة تحت تسميات معينة. المهم أنا أحترم النادي الذي له فضل عليّ، ولا تهمني التسميات. وحقيقة الأستاذ أمين جمعان رتب النادي ولا يقصر معنا ونرجو منه المزيد من العمل التطويري، ونتمنى من الجميع مساعدته في جهوده، فرغم العدوان والحصار لم يقصر الرجل وأوجد حراكا رياضيا، وهو رجل الرياضة الأول في الوطن.

كرتنا ليست بخير
  الكرة اليمنية عموما، كيف تراها؟
- الكرة اليمنية ليست بخير، ولن تكون بخير بسبب: عدم إقامة دوريات للفئات العمرية، المغالطة في الأعمار لكل الفئات العمرية، فالفروع والاتحاد العام يتحملون المسؤولية، لأنهم مباركون لهذه المغالطات، وأتحدى من يقول عكس ذلك، ولديّ الإثبات بالبرهان، كل الأندية مشاركة في ذبح الكرة اليمنية، لأنها تضرب الأساس.
كما أن اختيار الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية كلها مجاملات، واختيار الإداري أو الفني يكون لمن هو قريب من "الخُبرة"، وهذا كله على حساب الكرة اليمنية.
أحيانا يأتي رئيس اتحاد أو نادٍ أو فرع جيد ويريد العمل؛ لكن البطانة تكون شبه معقدة وغير متوازنة وتنهي أكل الميتة.
أقولها بالفم المليان: ما يحصل للكرة اليمنية عار! استحوا وارحلوا! والله وجع ما نراه منكم منذ سنوات!
يا أخي، الفئات العمرية هي الأساس. والخراب أنك ترى لاعبين أكملوا الثانوية أو في سنة ثالثة جامعة ويلعب مع فرق الناشئين... هذه مهزلة ورب الكعبة!
الأندية تتحمل، من يختار من خلال لجانها هذه الفئات، فهم يعرفون أن اللاعبين فوق 23 سنة، ومع هذا يشركونهم في دوريات الفئات العمرية الأدنى.
إذا كنا نريد رياضة بصدق ونجوماً تهيم في سماء اليمن، يجب أن نحاسب هؤلاء العابثين. ليس عيباً أن نخسر بشرف ونبني أجيالاً حقيقية بدلا من التزوير في الأعمار.