«لا» 21 السياسي -
تقترب الهدنة الأممية من بداية ربعها الأخير، دون حدوث اختراق جدي وجديد، ليعود المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، إلى عدن في محاولة لحفر انفراجة في جدار منظمته الممولة من دماء الضحايا ومن عائدات نفط الرمال، حاملاً معه عدّة مقترحات، منها مباشرة فتح الطرقات الرابطة بين منطقة الحوبان الواقعة تحت سيطرة الجيش اليمني واللجان الشعبية في مدينة تعز والجزء الآخر من المدينة، مقابل إزالة العوائق التي أدّت إلى تعثّر انطلاق الرحلات التجارية من مطار صنعاء لأغراض إنسانية. لكن الفشل هو ناتج لقاء غروندبرغ مع المرتزق العليمي، الذي يمثل مطامع ومصالح العدوان الأمريكي السعودي.
يقول موقع بلومبرغ الأمريكي إن الأولوية العاجلة في اليمن بعد استمرار الهدنة المعلنة يجب أن تشمل الرحلات الجوية التجارية من العاصمة صنعاء، ثم تأمين تمديد إلى أجل غير مسمى لوقف إطلاق النار قبل أن ينتهي في أوائل حزيران/ يونيو المقبل.
غير أن تحالف العدوان لم يثبت جديته في أي بند من بنود الهدنة، ويسعى بكل جد إلى أن تصبح هذه الهدنة وباستاتيكيتها الراهنة وضعاً مستداماً، ويسعى طوال الأسابيع الماضية، من خلال المليشيات التابعة له (من آخر ذلك تصريحات رئيس أركان المرتزقة صغير بن عزيز لـ»الشرق الأوسط» السعودية)، إلى البحث عن التصعيد وعن إعادة رسم الخريطة العسكرية من جديد، في خيارٍ تكتيكيٍ فاشل يتضمن بالتوازي أيضاً محاولة خلق حالة تذمر داخلية ساخطة باتجاه الجيش اليمني وأنصار الله، بناءً على مظاهر حالة اللاحرب واللاسلم، وعلى نتائج الحصار والعدوان، وعلى مؤامرات مرتزقته في المحافظات المحتلة ومرتزقته داخل جغرافيا السيادة.
القيادة تدرك مخططات العدوان ومرتزقته، وتجتهد لتستمر حركة التحرر والاستقلال والنصر من حيث انتهت إليها قبل الهدنة: من الفعل لا ردة الفعل، ومن الاستعداد لقطاف الانتصار بما سيفاجئ العالم قبل التحالف وليس الارتداد إلى ضفاف المساومات المسمومة، وتعلم يقيناً بمراوغة التحالف القادمة القائمة على فتح مطار صنعاء في الأسبوع الأخير من الهدنة بهدف تمديدها شهرين آخرين، لتعمل على جعل المساومة على الملفات الإنسانية العالقة كملف المرضى والأسرى فتيلاً يشرب الشعب زيته جيداً بانتظار اللحظة الحاسمة، التي لن تكون بالتأكيد كسابقاتها.
فمن البداهة فهم أن الهدنة هي محاولة أمريكية لكسب تحالف عدوانها البعراني الوقت للتفكير في أفضل السبل لمواجهة مقتضيات الهزيمة، سواء من خلال تحويل الحرب الخارجية على اليمن إلى الاحتراب الداخلي بين اليمنيين أو الاقتراب أكثر من كيان الاحتلال «الإسرائيلي» كطرفٍ ضامن للأمن بحثاً عن الحماية المفقودة، أو العمل مع الحكومتين الصينية والروسية كبديلٍ مؤقت عن الأمريكيين المشغولين بأوكرانيا أو تطوير التكنولوجيا النووية.
كلها خيارات فاشلة بالمقدمات وفي النتائج، حيث لن يكون لدى بينيت وبوتين وتشي جيبينغ بدائل فورية وجاهزة لإنقاذ السعوديين، فالأول محشورٌ في باب العامود، والثاني محصورٌ في أحراش أوكرانيا، والثالث محظورٌ فيما وراء الهادي. أما الأمريكي فممطورٌ بحجارة كل العالم. وبالنسبة للمرتزقة فلا يستحقون حتى عناء التفكير فيما هم فيه وبه «حانبون».

* حررت هذه المادة قبل ساعات من فرض صنعاء مطلبها بتنفيذ بند الرحلات الإنسانية كما وردت في نص الهدنة حرفيا.