«لا» 21 السياسي -
كما كان متوقعاً لدى الكثيرين من العارفين بـ «الكولسة» السعودية المعهودة، وليس المتابعين لمجريات ما سُميت «مشاورات الرياض»، فإن ثمّة توجّهاً سعودياً لاستبدال بعض الحرس القديم وتغيير قواعد اللعبة العدوانية. خلعت السعودية نعليها الباليين والممزقين (هادي والأحمر) وانتعلت مقابلهما ستة (مستخدم غير نظيف)، سابعهم العليمي، في محاولة أقرب ما تكون إلى إعادة تدوير نفاياتها الارتزاقية، عبر هيكلة القوى الموالية لها، وهي محاولة أيضاً أشبه ما تكون بتغيير خطة اللعب من طريقة 17- 2- 1 الفاشلة إلى 17- 7- 1.
استبعاد هادي ومحسن من فرنتينة الملز الشرعجية الخادعة ومن أرصفة البطحاء الجمهورجية المخادعة، سبقه استبعاد الرياض كل القيادات العسكرية والقبلية والسياسية التي كانت انتقدت سياستها في اليمن خلال السنوات الماضية، واكتفت بالقيادات الأشدّ ولاءً لها من حرس لجنتها الخاصة، إضافةً إلى عدد من العفافيش والحراكيش وما بينهما من خونج المائة وجه ممن مكنتهم من مقاعد بلايستيشن في مجلس وصايتها الجديد المسمى «المجلس الرئاسي».
من «متاكي» المجلس تتمثل أبوظبي (حصة الجنوب) في كل من عيدروس الزبيدي وأبوزرعة المحرمي وفرج البحسني، إضافة إلى طارق عفاش (حصّة الشمال)، بينما نال العفافيش ثلاثة مقاعد: رشاد العليمي وعثمان مجلي وطارق عفاش، وحظي الخونج بمقعدَين: عبد الله العليمي وسلطان العرادة.
ومع أن خطوة الرياض تشير ظاهرياً إلى أنها بدأت تتعامل مع فكرة إنهاء العدوان بواقعية؛ إلا أنها -في رأيي وفي رأي كثيرين- تهدف إلى الإعداد والاستعداد لمرحلة جديدة من التصعيد تستهدف نسف تراكمات انتصار الصمود اليمني ونفض غبار الهزيمة عن وجهها وغسل دماء المسؤولية من يديها، خصوصاً مع عشم السعودية القائم بدعم أمريكي مُضاعَف ومباشر لها يستبعد المحللون الأمريكيون تحققه إلا في حال «تسبُّب الحوثيين بخسائر كبيرة لدول الخليج العربي»، بحسب «ستراتفور»، منصة الاستخبارات الأمريكية المتقدمة.
قرار إنهاء مرحلة هادي - محسن، وقرار بدء العدوان على اليمن، كلا القرارين صُوِّرا على أنهما صدرا بطلبٍ من الدنبوع، فيما هما في الحقيقة قراران (سياديان - سياميان) لأمريكا وأدواتها البتروغازية. وكان القرار الأخير إقراراً بخطأ القرار الأول وبقبح العُذر الذي اتكأ عليه العدوان، وإعلان فشل تحالف الحرب في أول وأبرز أهدافه متمثلاً في إعادة ما تسمى «الشرعية».
ويتم ركل مؤخرتي هادي ومحسن، الأول كمجرد صورة في ألبوم فوتوغرافيا الخونة، والثاني كمقعد على دكة العملاء وذكريات الفرقة أولى مرتزقة، وكلاهما إلى مزبلة التاريخ ومنفضة الجغرافيا ولعنة الله ومناهج التربية الوطنية.
قرار نقل السلطة (الصورية) من هادي إلى مجلس رئاسي أنهى عملياً ما تسمى «الشرعية» ومحق المرجعيات الثلاث ونسف القرار الدولي (2216). وبرغم أنه قرارٌ غير شرعيٍ البتة إلا أنه إقرارٌ تاريخي بالهزيمة السعودية في اليمن، وإن تم تأجيل إعلانها حتى حين.
أخيراً، يتحدث البعض عن تعرض هادي للضرب والإهانة من قبل ضباط الاستخبارات السعودية بعد لقاء ابن سلمان به، ورفض الأول طلب الثاني الرحيل والتحويل والتخويل. قد يكون ذلك صحيحاً، وما أمر رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري ببعيد؛ لكني أرى أن «هادي» لم يكن ليجرؤ أن يرفض إلا بإيعاز من علي محسن، والأخير سلم من الضرب، لكنه تعرض للإهانة الأكبر من كل عملاء السعودية على الإطلاق.