«لا» 21 السياسي -
أين الخونج ومَن دار في فلكهم الحلزوني ممن صدعوا رؤوسنا بالتباكي على هدم نُصب الاحتلال التركي في صنعاء؟! أين هم من الخبر التالي: "تحدّثت وسائل الإعلام التركية، كما الصهيونية، عن اتفاق الرئيسين التركي والصهيوني، أردوغان وهرتسوغ، خلال لقائهما، على أن تبادر تركيا إلى تقديم هدية للكيان الصهيوني هي عبارة عن نقش حجري يعود إلى عام 2700 قبل الميلاد، في مقابل أن تستعيد الأولى نقشاً خاصاً بالسلطان سليمان القانوني"؟!
وفي حال صح خبر إقدام الرئيس التركي على منح النقش للسلطات الصهيونية فهذا يدل على جهل أردوغان ومستشاريه بحقائق التاريخ والجغرافيا، فهو برّر قراره -بحسب وسائل الإعلام "الإسرائيلية"- بأن النقش عبري، وعليه يجب أن يعود للعبريين، الذين تمثّلهم "دولة إسرائيل"! وهذا ما كرّرته وسائل الإعلام الصهيونية بفرح وخبث، فهو ينطوي على اعتراف تركي بصحة العلاقة المزعومة بين اليهود الأشكيناز الخزريين ببني إسرائيل شبه المنقرضين. إنهم يجهلون ربما أن النقش لا علاقة له باليهود والحدث العبري عموماً، وأنه غير مكتوب بما يسمّى اللغة العبرية، بل باللغة الكنعانية الأم، التي تفرّعت عنها اللهجات/ اللغات الكنعانية الأخرى، كالآرامية والفينيقية الشرقية والفينيقية الغربية القرطاجية والعبرية والموآبية... إلخ، وأن المستوطنين في الكيان الصهيوني من الأشكيناز، وغالبيتهم من الخزر ذوي الأصول السلافية والطورانية (التركية)، لا علاقة لهم بالنقش ولا بالعبريين شبه المنقرضين.
وقد اكتشف الألمان هذا النقش عام 1880 عندما كانوا يحاولون حفر نفق في المكان، وأرادوا أن يأخذوه إلى ألمانيا؛ لكن متصرّف مدينة القدس، إبراهيم حقي باشا، الذي كان يتبع السلطان مباشرة، رفض ذلك، وأبلغ العاصمة إسطنبول بالوضع، فما كان من إبراهيم حمدي بك، مؤسّس متحف إسطنبول، إلّا أن أتى بالنقش إلى المتحف في العام المذكور. وبعد احتلال فلسطين وتأسيس الكيان العبري عام 1948، عمل الصهاينة على استرجاعه أكثر من مرّة من دون جدوى.
ويقول محمد توتونجي، رئيس مركز أبحاث تركيا والعالم العربي في هولندا، إنه يوجد في مستودع المتحف الصهيوني نقش حجري تاريخي عائد للسلطان سليمان القانوني، وقد تباحث هرتسوغ وأردوغان واتّفقا على تبادل النقشَين. ونقشُ سليمان القانوني كان على لوحة حجرية عند مدخل باب مدينة يافا، ويُشير إلى أن السلطان القانوني هو "حاكم العالم وخادم القدس وخليفة المسلمين"، وهو أوّل أثر يعلن فيه القانوني نفسه خليفة المسلمين. واكتُشف النقش، الذي كُتب عام 1533، في عام 1898، أثناء زيارة القيصر الألماني فيلهيلم، إلى القدس، وهدْم أحد أسوارها.