لا ميديا -
منذ أول تكبيرة كانوا علامةً فارقة في رسم المشهد الأول الذي أذهل العالم، بدءًا من صد الزحف الصهيوني القادم من صوب الجنوب، وصولًا إلى إسقاط أوراق التوت التي غطّت عورات الكثير من أدعياء الوطنية والقيم، وإسقاط تسوياتهم المذلّة واتفاقاتهم المشينة، ومرورًا بالرباط والقتال على أرض الجنوب الأسير الذي لم يكن في بال أحد آنذاك أنه سيتحرر يومًا ما إلا في بال فئة مؤمنة. 
ولد محمد عبده حجازي في بلدة محيبيب الجنوبية اللبنانية عام 1964. نشأ في مرحلة المخاض التي شهدها العالم العربي بعد أن تكرس في أذهان العرب والمسلمين أن «إسرائيل» قوةٌ لا تُقهر، وشهد زحف الأعراب للاستسلام أمام الجبروت الصهيوني في «كامب دايفيد». كان المشهدُ الذي يلوح في الأفق يوحي بالانكسار.
تأثر بالحالة الإسلامية الصاعدة مع الثورة في إيران، فلازم مع أقرانه المرحوم السيد محمد حسين فضل الله الذي حفّزهم على التحصيل العلمي، وفي مسجد الإمام الرضا بدأ الشبان بتشكيل جماعة إسلامية لم تكتفِ بالجلوس في زاوية المسجد، بل ذهبوا ليذيقوا الأعداء مرارة الألم أثناء وبعد الاجتياح الصهيوني عام 1982.
شارك في التصدي للاجتياح الصهيوني على أكثر من جبهة؛ في خلدة وكلية العلوم وأحياء الضاحية الجنوبية، مانعا بذلك استقرار القوات الصهيونية الغازية في الضاحية الجنوبية. كما قاتل عصابات القوى الانعزالية، التي كانت مصرّةً على الاستسلام لـ»إسرائيل» باتفاقية 17 أيّار/ مايو 1983، في الوقت الذي كانت تدك فيه الضاحية الجنوبية وكل مناطق المقاومة بالحِمم القاتلة. وقاد الملحمة البطولية في ما عُرف بـ»محور الـ71» قرب كنيسة مار مخايل. 
قضى آخر سنتين من عمره بين جبهات الضاحية وتأمين نقل السلاح إلى جبهات الجنوب. ردد مرارا: «نحن لا نُقاتل بسلاحنا. إننا نقاتل بقوّة وعزيمة إيماننا. إن السّلاح الذي بين أيدينا ما هو إلَّا وسيلة لا أكثر، إنما الإيمان هو القوة التي تنصرنا عليكم».
استشهد يوم 4 تموز/ يوليو عام 1984.