لايزال الإرث الثقافي والحضاري في اليمن عرضة لعمليات تدمير منهجي، تقودها دول العدوان بقيادة السعودية والإمارات، متجاوزة التحذيرات التي أطلقتها المنظمات الثقافية الدولية وفي المقدمة اليونيسكو، من أن استهداف الإرث الثقافي يعد واحداً من الانتهاكات الجسيمة التي ترتقي إلى جرائم حرب مكتملة الأركان.
ويتيح العدوان، الحفر العشوائي للمواقع الأثرية، بعد أن تعرضت العشرات منها لهجماته الجوية في عدد من المحافظات، ويسهّل سرقة ونهب المتاحف مثلما حدث في تعز وعدن وأبين.
وقد كشفت تقارير دولية سابقة، عن تهريب المئات من القطع الأثرية والمخطوطات القديمة إلى الأسواق الدولية. 
وقبل أشهر، قال المكتب الخارجي لمعهد الآثار الألماني، بصنعاء، إن الهجمات الجوية للعدوان وأعمال الحفر غير الشرعية، تشكل التهديد الأكبر للمواقع الثقافية والتراثية في اليمن.
وأشار إلى أنه بالتعاون مع الزملاء الفرنسيين قام المكتب بوضع لائحة بإحداثيات المواقع الأثرية، ومن خلال منظمة اليونيسكو تم تقديم هذه الإحداثيات إلى قيادة قوات العدوان في الرياض. «لكن رد الفعل كان بأنه لا يمكن مراعاة مواقع الإرث الثقافي والتاريخي»، وفق رئيسة المعهد عالمة الآثار الألمانية إيريس غيرلاخ. 
وتم إحصاء وتصنيف 85 موقعا أثريا تعرضت للدمار الجزئي أو الكامل من الهجمات الجوية للعدوان، طوال السنوات الماضية. تعلق غيرلاخ: «ما يثير القلق الحقيقي هو أن القصف الجوي السعودي يعتبر السبب في 70 ٪ من الدمار الذي أصاب مواقع الإرث الثقافي والحضاري اليمني حتى الآن».
وكشفت إحصائية للهيئة العامة للآثار والمتاحف بصنعاء عن تدمير 66 معلماً تاريخياً، نصفها دُمر تدميراً كلياً، حتى ديسمبر 2020، إضافة إلى نبش 20 معلماً دينياً وأثراً إسلاميّاً من قبل تنظيمات «داعش» و«القاعدة».
وتحدث تقرير نشر في صحيفة «واشنطن بوست» عن تورط العدوان السعودي الإماراتي في سرقة الآثار التاريخية لليمن ونقلها إلى الخارج وبيعها في الأسواق الأمريكية، في وقت كشفت فيه مصادر إعلامية تابعة للعدوان عن قيام الإمارات بنهب كل الآثار الفنية القديمة من جزيرة سقطرى بشكل ممنهج، ونقلها إلى متحف «اللوفر» في أبو ظبي ليتم عرضها على أنها آثار إماراتية إلى جانب آثار قديمة.
وفي سبيل حماية الإرث الثقافي اليمني، قدم المعهد الألماني في صنعاء المساعدة في إعداد «اللائحة الحمراء للمواقع الثقافية المهددة - اليمن» من قبل ICOM.
وأكدت غيرلاخ «القيام بتصنيف الأشياء التي يكثر تداولها بشكل غير قانوني عادة في سوق القطع الفنية». وهي تعمل حالياً مع فريقها، على نظام معلومات التراث الرقمي لليمن، أطلقت عليه الأطلس الرقمي لليمن القديم (AYDA). ويتم تمويل المشروع من قبل برنامج الحفاظ على التراث الثقافي التابع لوزارة الخارجية الألمانية الاتحادية. وتأمل أن يسهم هذا المشروع الرقمي في حماية التراث الثقافي اليمني.
لا يوجد لدى اليمن قائمة مسجلة بشكل منهجي لمواقعها الأثرية حتى الآن، ولا يوجد أي سجل للآثار في البلاد. لهذا السبب فإن الأطلس الرقمي سوف يُعنى بهذه المهمة أيضاً، ولكن بشكل أوسع بكثير. تقول عالمة الآثار الألمانية، في معرض ردها على أسئلة الشبكة الألمانية لدعم التراث الثقافي، في أبريل الماضي.‏
ويمكن أن يكون الأطلس الرقمي بمثابة مرصد لمراقبة المواقع الأثرية في البلاد. فالباحثون الألمان واليمنيون يعكفون على تبويب وأرشفة المعلومات المتوفرة عن الدمار، وكذلك بيانات الأبحاث والدراسات والصور والمعلومات التاريخية والمنشورات.
لكن، مع كل ذلك، تضيف غيرلاخ: «مازلنا بعيدين كل البعد عن إعادة بناء وترميم الإرث الثقافي والحضاري اليمني، وسوف يبين المستقبل الإجراءات الضرورية والمتاحة وتلك القابلة منها للتنفيذ».