فضل النهاري / لا ميديا -
المجالس الصوفية في رمضان تراث أصيل وهوية إيمانية عصية على الهدم. حقيقة يؤكدها الواقع والتاريخ. وفي تعز تزدان المجالس والزوايا الصوفية بحضور الأحباب على موائد الذكر وحلقات القرآن الكريم والتواشيح التي لا تغيب عن وجدان وذاكرة اليمنيين.

مهرجان محمدي
مجالس القرآن الكريم في كل بيت وزاوية، وترانيم شجية تختزل في مضمونها عبق الرسالة وروعة التراث. إنه مهرجان محمدي يزدهي به الفضاء الرمضاني في تعز وبطابعه الخاص والمتميز منذ قرون.
يستحضر أبناء تعز في هذه الموالد تاريخا مشرقا بنور الرسالة المحمدية، وأعلاما سيظل ذكرها خالدا في التراث الثقافي والأدبي لتعز.
فمن السيد الشاذلي والسودي والباهوت ابن علوان إلى الحساني وجمال الدين والرميمة والرازي والحرازي والأهدل والهدار فالكدهي وعوهج والنهاري وابن سليمان والسروري وغيرهم من أولياء الله (قدس الله سرهم الشريف). رموز أثرت الحياة الدينية والثقافية وحتى السياسية عبر قرون من الزمان ولاتزال.

يا نبي سلام عليكَ
ذكر يعانق بروعته عنان السماء. تطمئن القلوب ويحتفل الملكوت. المحبون في حضرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، يعبرون بطريقتهم عن انتمائهم الأصيل للدين الحنيف:
يا نبي سلام عليكَ            يا رسول سلام عليكَ
يا حبيب سلام عليكَ          صلوات الله عليكَ...

موالد صوفية طوال الشهر
جامع معاذ بن جبل بالجند ظل عبر قرون مقصد الزوار من كل مكان، لاسيما خلال هذا الشهر الكريم. زوايا الجامع وصحنه الواسع تحتضن حلقات القرآن الكريم وسائر العلوم الدينية؛ فضلا عن الموالد النبوية الصوفية وطيلة الشهر الفضيل في تقليد سنوي يعود إلى مئات السنين.
وعلى الرغم مما تعرضت له الصوفية وطرقها المتعددة من حرب شعواء وحملات تكفير وتبديع على يد الجماعات الوهابية التكفيرية وعلى رأسها جماعات "الإخوان المسلمين" و"داعش" و"القاعدة"، إلا أن الصوفية حافظت على وجودها وحضورها الواسع في الوجدان والثقافة الإنسانية في تعز وغيرها من المحافظات اليمنية التي احتضنت هذه المدارس الدينية العريقة.

قبلة الزائرين 
جامع الجند التاريخي، الذي يعود بناؤه إلى السنة السادسة للهجرة -وفقا لروايات تاريخية- وفي شهر رجب تحديدا، على يد الصحابي الجليل معاذ بن جبل (رضي الله عنه) الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهل الجند يدعوهم إلى الإسلام، فدخلوا في دين الله أفواجا، وأصبحت الجمعة الأولى من شهر رجب عيدا سنويا يحتفي به اليمنيون جميعا، لاسيما في هذا الجامع الذي يشهد احتفالات دينية وموالد صوفية يحضرها اليمنيون من طول البلاد وعرضها، بل وزائرون من بلدان عربية وإسلامية، لما يحظى به الجامع والمناسبة من قدسية وأهمية لدى اليمنيين.

مدرسة دينية
ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم أصبح جامع الجند مدرسة دينية ومنبرا وصرحا علميا وثقافيا تخرج فيه العديد من الأعلام والرمـــــوز الدينيـــة التي أثرت الحياة الدينية والعلمية والثقافية بمؤلفاتها وكانت زادا ومنهلا لطلاب العلم من كل مكان.
كما أن مجالس العلم والقرآن الكريم والمديح النبوي تعد سمة بارزة تميز هذا الجامع التاريخي، لاسيما في المناسبات الدينية، كالمولد النبوي وذكرى الإسراء والمعراج وخلال أيام شهر رمضان المبارك وغيرها من المناسبات.. طقوس دينية حافظت على أصالتها وحفظت هوية اليمنيين الدينية والثقافية، رغم ما شابها في العقود الأخيرة من استهداف ومحاولات تشويه وتغييب من قبل الجماعات الوهابية التكفيرية.. هوية عصية على الهدم والتشويه. يجرجر التكفيريون اليوم أذيال خيبتهم بعد عقود طوال مضت في محاولات طمسها وتغييبها دون جدوى. هوية تستعيد ألقها وتقاوم بعظمتها فلول التكفير وأجندات العدوان.