طاهر علوان الزريقي / مرافئ -
من المؤسف حقاً، وبعد مائة عام على ولادة السينما العربية، أن نراها مازالت تعتمد على التقليد، غارقة في النقل الأعمى أكثر من الخلق والإبداع، تابعة محاكية للنمط الهوليوودي، متأثرة بأفلام "الكاوبوي" ومغامرات رامبو وأفلام استعراضات القوة والفتوة والعنف والمخدرات والبلطجة، أفلام تزيف الواقع وتشوّه الطموحات وتتجنب إثارة مشاكلها الحقيقية أو مقاربة همومها الفعلية، وتستخدم الجسد، والإغراء، والابتذال، والجنس، والمخدرات، والخيانة الزوجية، وإقحام الرقص بمناسبة وبغير مناسبة، في أغلب الأفلام، للإثارة والتشويق ولجذب المشاهد.
أفلام تتسم بالميلودراما، ذات المواقف العنيفة والحوادث المثيرة، تروي قصص الحب المكررة الزاخرة بصنوف العذاب والحرمان والمطاردات والفتوة والبطولة الخارقة. ومنذ البداية تعاملت السينما العربية مع الوجوه النسائية بهدف الإبهار والتشويق والإثارة، وهي نفسها نظرة هوليوود وفكرها ومزاجها، نسخة مكررة ومشوهة وتابعة للمنبع والمصب، ومتعلقة بأوهام الشهرة والإثارة والإبهار، هوليوودية الجوهر والإطار والمضمون، وتعتمد على الهروب من الواقع الاجتماعي الصعب المعقد والاجتهاد الإنساني في إيجاد حلول لمشاكل المجتمع، والهروب من مشاكل المصانع والقوى العاملة المنتجة لخيرات المجتمع، الهروب من مشاكل الشباب وتعاطي المخدرات، الهروب من القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والاحتكارات وأسبابها، الهروب إلى القصور والملاهي حيث الثراء والشهرة والليالي الحمراء.
سينما لا تريد أن تصطدم بالواقع، لا تريد أن تعالج مشاكل الواقع وترهق نفسها وتشارك في معالجة هموم العصر والصراعات الطبقية والعنصرية والعنف وأسبابه، وهي نفسها نظرة وأفكار ومضامين وسياسة هوليوود في بيع الأحلام الوردية وبيع البهجة والسعادة الكاذبة بالرقصات والاستعراضات الموسيقية وبنات الهوى وابتذال المرأة واحتقارها وإهانتها، محاولات ساذجة لتقليد الأفلام الأمريكية، وكأن هذه هي احتياجاتنا وواقعنا وحالنا.