طاهر علوان الزريقي / مرافىء -

لم يكن رامبو النموذج الوحيد للقوة الأمريكية الخارقة في ارتكاب أبشع الجرائم بحق الإنسانية، بل هناك نماذج أخرى أشد قوة وفتكاً، حيث تستغل الأفلام الأمريكية إمكانية السينما بجاذبيتها الجمالية وتسخرها للاستحواذ على عقول ووجدان المشاهدين وتوجهها نحو الفكر المشوه والجريمة المنظمة والتعاطف مع «الإرهاب» والعنصرية تحت مبرر «الغاية تبرر الوسيلة»، حتى ولو كانت تلك الغاية همجية وغير إنسانية.
نتناول هنا وباقتضاب شديد مشاهد من فيلم أمريكي ذي طابع إجرامي عنصري حاد أقصى حدود الحدة، نشاهد كوارث متنقلة، وانفجارات مرعبة، وقذائف لا تنفد قتلى بالعشرات على الجوانب الأربعة، منشآت تدمر، دبابات تئن تحت وقع الصواريخ، حافلات جنود تتطاير في الهواء بكامل طواقمها، دخان أزرق وبطل وحيد يسعى لإنقاذ رهينة أمريكية احتجزت، ما أغلى الإنسان والدم الأمريكي، وما أرخص الآخرين. وكل تلك الإمكانيات التقنية المدمرة والجهد الإنساني الذي بذل لصناعتها، وتحت إيقاع سحري للموت المجاني، يظهر البطل كحذاء ضخم يجوس شوارع خالية إلا من بقايا بشر سقطوا في الفراغ التاريخي، ولم ينتبهوا إلى أن مضمونهم الإنساني ليس سوى حصاد مهمل لبندقية واحدة.
أيديولوجية امبريالية بشعة وعنصرية مقيتة، واستهتار بحياة بشر سقطوا ضحايا جراء مقاييس العقل الأمريكي الإمبريالي الذي يضع تسعيرته للموت، يقتل العربي على قياسه مذعوراً وتكفيه طلقة أمريكية عابرة، والآسيوي عادي ولا يترك وراءه أي تساؤلات، أما الهندي والأسود فمكانهم في الظلال المهترئة، مقاييس وتسعيرة محددة للموت بطريقة الأفلام الأمريكية الدموية بإمكانياتها التقنية الهائلة، وقدراتها الإبداعية الفنية التي تجعلنا نلهث خلف الخداع والتضليل والوهم بكل ما أوتينا من ضعف ثقافي وكساح اجتماعي، نسقط تحت تأثير تلك الآلة الضخمة الماكرة وتوظيفها لتضليل المشاهد وتدجينه.