تنشر «مرافئ لا» نتاجات شعراء الظل بصورة أكثر تركيزا تتيح للقارئ الوقوف على أبعادها وتخومها، لتصدر هذه النتاجات لاحقا في «ديوان لا» السنوي .
القصائد المنشورة في حواشي هذا الملحق لـ أمين علي أحمد العقاب .


 أمين علي أحمد العقاب
مواليد 1977 حبيش - إب.
- موجه تربوي. 
- أمين عام مؤسسة إبداع للمراجعة الفنية. 
- عضو الهيئة الاستشارية في مؤسسة أبجديات الثقافية. 
- عضو رابطة شعراء العرب. 
- عضو اتحاد الأدباء والكتاب. 
- شارك في عدد من المهرجانات المحلية والخارجية. 
- حاصل على لقب شاعر الربيع المحمدي في مسابقة مهرجان الرسول الأعظم ولقب شاعر اليمن في مسابقة صدى القوافي على قناة اليمن.  
- له ديوان مطبوع بالإضافة إلى 4 دواوين مخطوطة.




اشتياق
ما لي إذا جار الزمان حبيبُ
إلاك يا من في هواه أذوبُ 
أشتاق وجهك كي أبوح بغربتي 
وعلى يديك من الغياب أتوبُ 
إني تعبت من الرحيل فكلما
أنهيت دربا صافحته دروبُ
أتكلف الخطوات أبدو ضاحكاً 
وأنا على هذا الزمان غريبُ 
في داخلي اغتربت رؤاي فأينما
وجهت وجهي ضجةٌ وحروبُ
حاولتُ أن أغدو كغيري إنما
كل الخطى نحوي إليك تؤوبُ
يا سيدي ذكراك تمنح حيرتي 
أملاً فيبسم داخلي (يعقوبُ) 
وترفّ أشواقي التي ألقيتها
في الرمل يوما والسحاب جديبُ



في الطريق إلينا
في الطريق المؤدي إلينا
أضعنا الكثيرَ من الأمنيات
ذابت الدربُ تحت خطانا 
وسالت دروبْ 
نزفت مهرةُ الروحِ حتى اصفرارِ الحياة 
غرقت ضفةُ القلبِ في نهر أحلامنا 
وغرقنا أسىً
كانت الريحُ تسرق لونَ الجهات
ومنانا التي غرقت في الرمال
كان لونُ المدى دمعةً غائرةْ
كان ثمة بوصلةٌ في يد الليل
تبحث عن جهةٍ شاغرة
والعقارب في مُقَل العَصر كحّلت الأفق بالرعب
لم يكن غير طيفٍ بعيد 
وبقايا مواعيدَ عالقةٍ في المحال 
وأنا أحرثُ الحزنَ شعراً
وأعتصرُ الغيمَ في نزَقِ الريح نهراً 
أدمعي لحنُ عصري 
وحبي رغيفي
والمسافات بيني وبيني طوال 
يشرب البحرُ دمعي
ويلبس وجهي
يا إلهي 
ما تيسر من عشبة الضوء
في دبق الليل
كيما نغني بها الحي آه
في يميني عصاي
القصيدة فيها مآرب عمري
وأهشّ بها الوجدَ
عند ارتعاش طيور المساء
في الطريق إلينا
بكينا كثيرا
وضحكنا كثيرا
وسبَحنا على موجةِ الحرف 
فوق سجادةٍ من حنين 
فهنا مرّ يا صاحبي الأنبياء
(تعب كلها -يا صديقي- الحياة)
إنما
في الرحيق الذي قد تبقى من الحزن
سوف تبسم هذي المرايا
ونرانا 
سوف تهمي حنانا عليك السماء
فابتسم عندما يعتريك البكاء



احتياج
أحتاج ما أحتاج 
لا أدري 
فكلي متعبُ 
وخريطتي ريحٌ 
وعمري لعنةٌ سبئيةُ المعنى 
وعصري ثعلبُ 
وحدي أهشّ بأحرفي ليلي 
وصلصالي 
وما في الأرض نافذةٌ تطل على زماني
إني مللت من اللهاث وراء زوبعة الحياة 
أحتاج أن أبكي بحضن الليل وحدي 
لا يرافقني سواي 
وأبوح بي لي في هدوء الكائنات 
أحتاج أن أبكي لأغسل وجه أحزاني 
أراني في مرايا الله 
مكتمل الصفات
يا أيها الطفل الذي قد كنته 
أفلا تعود ولو قليلا 
كي ترتبَ أمنياتي 
وتعيدَ رسمَ خريطتي 
فلقد أضعت لديك ذاتي 
إني سئمت من الشتات
أحتاج ساحرةً ترمم ما تبقى من فصول العمر 
من لغتي
تخيط ثيابَ أحلامي وقلبي
أحتاج بسمةَ غيمةٍ شقراءَ 
يغسل صوتُها صوتي 
وأجفانَ القصيدة 
من غبار العابرين 
ومن شتاتي 
شجرُ الخطيئة في دمي نبتت خطاه 
ورجعُ أشباحِ الزمانِ التائهِ المهجورِ إلا من دموعي 
صلّيتُ بي جمعاً 
لأخرج من رمال الوقت 
من طقسي العجوز 
إلى الضفاف 
فأوجَسَ المحرابُ مني 
من صلاتي 
كم هزةٍ مرتْ 
بهذا الشارد المجروح 
ما كسرتْ خطاه 
لكي يعود إلى حياتي


ســر الحضارة
روحي على شاطئٍ في الحلم تنتظرُ
كطفلةٍ تحضن الذكرى وتعتذرُ 
متى تطلّين من جفن الدجى قمراً
أو غيمةً في شتاء العمر تنهمرُ
متى تدقّين باب الوقت باسمةً
وفي يديك صبانا الباسم العَطِرُ
لو تكسرين زجاج البعد هامسةً
كما عهدتك يلهو حولك الصِّغَرُ
ولو تقُدّين ثوب الصمت عن لغةٍ  
كادت تبوح بنا والحب مستترُ
لو تمطرين على حرفي كغائمةٍ
لو تنبتين كنهرٍ فالرؤى حجرُ
لو تهمسين بصمتي مثل راهبةٍ
في جمرة الليل فاضت فارتوى السحرُ
متى تعودين شابت في النوى لغتي 
ولم يشب في عيوني وجهك النَّضِرُ
متى تجودين لو حتى مرور صدى 
فكل شيء هنا يبكي ويحتضرُ
كانت هنا طفلةً بالأمس عابثةً
تلهو بقلبي وتبدو لي وتستترُ
كنخلةٍ ترتدي الآفاق صاهلةً
في الشمس يسبح في أجفانها القمرُ
كانت تُقطّر من توت الرؤى لغةً
ما ذاقها شاعرٌ أو مسها بشرُ
في رجعها فاتنات الغيم سابحة
وللبنفسج في أنفاسها سفرُ



تفيض في الحرف أزماناً مؤثثةً 
بالعشق تقترح الدنيا وتبتكرُ
وتمنح العمر وجهاً كلما عبرتْ
على صدى خطوها يخضوضر العمُرُ
لمن سأكتب؟ قال الشعر منكسراً
وكاد قلبي من الأصداء ينكسرُ
لمن سيضحك وجه الفجر نافذتي 
دفاتري حبري المسفوح والصورُ
وجرة الحرف نبع الماء لا أحدٌ 
حولي يضم حنيني حين يستعرُ
سترجعين فللأحزان دورتها 
كما سيرجع في ميقاته المطرُ
أدري بأنك مثلي شبه خائفة
فالقلب يخسر حتى وهْو ينتصرُ
والحب جرحٌ لذيذٌ فيه أنفسنا 
تسمو وتنزف في جناتها سقرُ
لكنه نحن في أسمى مكارمنا 
سر الحضارة في معناه مُختصرُ 
هيا لنبدأ تاريخ الهوى فلنا
سيبسم الدرب والميقات والقدرُ