كان منعطف ديسمبر الخياني كمنعطف مارس العدوان، محكاً ماز فيه الخبيث من الطيب.. 
الصورتان لأنموذجين صحفيين نقيضين ينتميان مهنياً لهيئة تحرير صحيفة واحدة هي (اليمن اليوم)، أحدهما عبدالله الحضرمي (رئيس التحرير) والآخر أحمد الحسني (نائب مدير التحرير).
الأول إمّعة مسكون بعبودية عفاش باعتباره الوطن والشعب والرزاق ذا القوة المتين، والآخر صاحب إرادة وطوية نقية مفطور على الحرية يحب شعبه ووطنه، ويؤمن أن القادة يتفاضلون رفعة وضعةً بمقدار صلتهم بالشعب وتضحياتهم على مذبح الوطن.
الأول قاده عفاش قود الرقيق إلى مزبلة الخيانة والتضاد الفاضح مع مصالح الشعب والوطن، والآخر أراد أن يأخذ عفاش إلى مضمار التصالح مع الشعب والوطن والتضاد مع تحالف العدوان، فلما تبين له استحالة ذلك وثبتت خيانته تبرأ منه ونفض ما علق في روحه من مثاقيل احترام له.
الأول ماز في ديسمبر الخياني كخبيث، والآخر ماز كطيب.
غير أن الخبيث (الحضرمي) لايزال يحتل متن المشهد ويزاول وضاعته من الخارج رافلاً بالدعم والإسناد من مطابخ طويل العمر، بينما يعيش الطيب (الحسني) في عتمة مشهد الجبهة الوطنية الداخلية بعد أن ضاقت عليه دائرة أضوائها التي اتسعت للكثيرين من خفاف الوزن والقدر فانكفأ بشرف وصمت إلى قريته قابضاً على جمرة الموقف المبدئي الشريف الناصع الساطع لا يبدل تبديلاً.
إنني أستمطر لعنات الشعب الماطرة على كل خائن، ولا أتسول فُتات العناية الرسمية بالشرفاء، بل أدعو السياسي الأعلى إلى القيام بواجبه في تمكين وتفعيل هذه الطاقات الوطنية الخلاقة وتشريع مضامير «الحماية والبناء» أمامها بمنأى عن بيروقراطية الكساح الرسمي وفلترة الشخوص والكوادر بحسب حاجة الوفاق لديكور سياسي فارغ.
إن العدو يصوب كل سهامه ورماحه وألسنته السليطة في صدر الوطن وظهره، بينما تبحث منظومة الوفاق في الناس عن «ملاخيخ» تنكش بها أسنانها عقب كل وجبة فساد تفوح رائحتها للشارع، وعن ألسنة تنفض عن جنابها غبار مذمات العدو بالمدائح، وعن أقلام للتراشق والسجال البيني في أروقة الوفاق الإدارية والمالية.