حاوره: يحيى الضلعـي / لا ميديا -

ثمة ظروف فرضت عليه الابتعاد في وقت مبكر عن مسارات معشوقته كرة القدم وملاعبها، وحتى جماهيره التي ارتبط بها بخصوصية بحتة، لكنه يظل واحداً من الاسماء التي حفرت في الصخر لتصنع التاريخ الجميل المكتوب على صفحات ناصعة ستبقى دائماً وأبداً.
إنه لاعب الزمن الجميل المتميز أنور الحرازي، نجم فريق المجد سابقاً والمنتخبات الوطنية لكرة القدم، اللاعب الذي أحبته جماهير برازيل اليمن آنذاك وحملته على أكتافها وطافت به أرجاء الملاعب والشوارع عقب كل انتصار يحققه فريقه المجد في عصره الذهبي في السبعينيات والثمانينيات وحتى أوائل التسعينيات.
طيلة العقود الماضية كان الصمت ملازماً لأنور (المجد)، وها هو يخرج عن صمته في حوار ممتع ومتشعب مع صحيفة «لا» التي غاصت خلاله في تفاصيل كثيرة عن سيرته ومسيرته، وخاضت في قضايا تهمه وتهم لاعبي كرة القدم في الماضي والحاضر.. 

من 13 يونيو إلى المجد
 كيف بدأت قصة أنور الحرازي مع نادي المجد؟ 
- القصة هي أن نادي المجد "13 يونيو" سابقا تكّون ونشأ في نفس الحارة التي كنت أقطن فيها جوار مدرسة الثورة بحي نقم في العاصمة صنعاء، وكان كل لاعبي النادي يسكنون في نفس المكان وفي نفس الحارة، وتم تأسيس وإشهار النادي في عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، إذ إن عملية إنشاء النادي جاءت حينها في أصعب الظروف بسبب عدم وجود مقرات وملاعب وإمكانيات، بل كفاح ونضال وحب لكرة القدم فقط. وكان المقر يتكّون من دكان واحد فقط، ولكن بإصرار وجهود اللاعبين الذين سبقونا في اللعب استمر النادي تحت مسمى 13 يونيو. وبعد ذلك تم تغيير اسم النادي إلى نادي المجد الرياضي بعد استشهاد الرئيس إبراهيم الحمدي، رحمة الله تغشاه. وبكفاح وجهود اللاعبين أمثال عزي علي هبة وجمال حمدي ومهدي الحرازي الله يرحمه، وحاتم على هبة وعزي الحرازي وتوفيق الحرازي ومحمد الكميم وغيرهم، ومن خلال هؤلاء اللاعبين وإصرارهم تم إشهار هذا النادي، ويوماً بعد يوم تم تأسيس ناد حقيقي بمقر وملعب وإدارة، والله يشهد أن اللاعبين كانوا هم الإداريين في نفس الوقت.
 كيف جاءت فكرة انضمامك إلى صفوف فريق نادي المجد؟
- بدأت ألعب في الحارة والمدرسة فقط لعدم وجود فئات عمرية في النادي سوى الفريق الأول. وفي أحد الأيام تم اكتشافي في إحدى المباريات في الحارة مع نادي النجمة الذي كنت ألعب معه، وهذا النادي كان في الحارة، وبعد انتهاء المباراة فوجئت بوجود المدرب القدير مقبل الصلوي، مدرب نادي المجد حينها، أمامي وعرض عليَّ الانضمام إلى الفريق الأول احتياطياً ومن ثم أساسياً.
 تركت الملاعب وأنت في قمة مستواك بغض النظر عن العمر.. لماذا؟
-  نعم. تركت الملاعب وأنا في قمة مستواي، والسبب أنه بعد تخرجي من الجامعة التحقت بالعمل موظفاً في الخطوط الجوية اليمنية وكانت الوظيفة تفرض عليّ أن أعمل صباحاً ومساء، لذلك فضّلت العمل الوظيفي على الرياضة.

اللعب لجميع المنتخبات
 هل تم اختيارك للعب في صفوف المنتخبات الوطنية؟
- تم اختياري في عدة منتخبات، منها منتخب المدارس ومنتخب الجامعات ومنتخب صنعاء والمنتخب الوطني للشباب والمنتخب الوطني الأول وكذلك المنتخب العسكري، وكنت أفضل اللعب مع لاعبي نادي المجد فقط من الأندية الرياضية في اليمن.
 ما هي أبرز اللقاءات الدولية التي خضتها؟
-  أمام المنتخب السعودي والمنتخب التونسي والمنتخب الإماراتي والمنتخب القطري والمنتخب الأردني، وغيرها من المنتخبات.
 وماذا عن المباراة التي تعدها الأفضل لك على مستوى المنتخبات وفريق المجد؟
- على المستوى الدولي المتميز لعبت ضد المنتخب التونسي في تونس، وعلى المستوى المحلي ضد فريق النادي الأهلي صنعاء ونادي أهلي تعز وكذلك نادي وحدة صنعاء والكثير من الفرق الأخرى.
 مسيرتك الكروية هل انتهت بطريقة رسمية.. مثلاً إقامة مهرجان اعتزال يليق بما قدمته في الملاعب الرياضية؟!
- للأسف الشديد مسيرتي الرياضية لم تنته بطريقة رسمية، وهذه هي من سلبيات الرياضة في بلادنا وهذا تقصير بحق كل لاعب ورياضي أفنى عمره الرياضي في خدمة هذا النادي والوطن للأسف الشديد.
لم أندم على الابتعاد
 هل ندمت على قرار اعتزالك وتخليك عن معشوقتك لعبة كرة القدم؟
- الحمد لله لم أندم على قرار ابتعادي عن معشوقتي كرة القدم، لأن الرياضة كانت في أيامنا أيام الزمن الجميل، وكل من يعرف أنور الحرازي في الملاعب ويلتقي به في الشارع من الجماهير وعشاق الكرة يرددون بكلمات أن الرياضة كانت جميلة جداً في أيامكم.. أخلاق ولعب وفن وحب واحترام، والحمد لله كسبت حب الجماهير.
 كان الدوري في زمانكم يمتاز بالإثارة والندية وشدة التنافس لكننا رأيناه خلال السنوات الأخيرة هابطاً لا يلبي الطموح.. تُرى ما هي الأسباب من وجهة نظرك؟
- لا شك كان الدوري العام يمتاز بالندية وشدة التنافس، والسبب هو الولاء لهذا النادي أو ذاك، وحب الرياضة وتقديم أفضل العروض لإمتاع الجماهير رغم الظروف الصعبة التي كان يمر بها اللاعب اليمني بدون راتب وبدون مكافأة الفوز... إلخ، أما أسباب هبوط المستوى خلال السنوات الأخيرة رغم الإمكانيات المتوفرة من راتب شهري وملعب خاص لكل ناد وتأمين المواصلات لكل لاعب... إلخ، فيرجع إلى عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في الجهة المسؤولة عن الرياضة في بلادنا، وعدم توفر الإخلاص وحب الوطن والرياضة من قبل الإداريين القائمين على الأطر الرياضية رغم توفّر كل الإمكانيات، لكن ما نلاحظه حالياً هو حب المال قبل حب الرياضة وهمهم فقط السمعة والشهرة، فضلاً عن الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا الحبيب التي أثرت في تدهور الحركة الرياضة في بلادنا.

الحمامي مثلي الأعلى
 من هو اللاعب الذي تأثرت به وكنت تتمنى اًن تصل لمستواه؟
-  اللاعب الأول في اليمن والجزيرة العربية والوطن العربي حينها من وجهة نظري هو اللاعب المرحوم الكابتن علي الحمامي (نيخا)، والحمد لله لعبت ضده عدة مباريات وكان عملاق الكرة اليمنية بحق وحقيقة -رحمة الله تغشاه.
 ما هي الطموحات التي كنت تتمنى تحقيقها آنذاك وسط زحمة اللاعبين على الساحة الرياضية أيام جيلكم الذهبي؟
- خلال مشواري في الملاعب كنت أطمح أن أحقق مع فريقي نادي المجد بطولات الدوري العام لكي أرد جزءا من الجميل لهذا النادي، والحمد لله حققت معه الوصيف في بطولة الدوري مرتين وكذلك المركز الثالث مرتين وحققت معه كأس رئيس الجمهورية مرة واحدة ووصيف الكأس ذاتها مرة واحدة، رغم الظروف التي كان يمر بها هذا النادي بدون ملعب وبدون رئيس للنادي وغياب الداعمين والممولين آنذاك من رجال الأعمال، بل بجهود اللاعبين فقط.
 ما هي الميزة التي ترى أنك انفردت بها في الملعب خلال مسيرتك الرياضية؟ 
- تميزت بحب الجماهير الرياضية وكذلك اللاعبين في جميع الأندية، ولا أنسى أنني والحمد لله في حياتي الرياضية، سواء مع النادي أو المنتخبات، لم أتلق أي بطاقة لا صفراء ولا حمراء، والتاريخ يشهد على ذلك.
 موقف ظريف واجهته في مباراة لعبتها؟
- في إحدى المباريات في تصفيات كأس رئيس الجمهورية بمحافظة إب ضد فريق الفتوة، انتهت المباراة بالتعادل وكان لا بد من حسمها وجاءت ضربات الترجيح وكنا خمسة إخوة اساسيين في الفريق، نفذنا الركلات الخمس وخرجنا فائزين فكان موقفا ظريفا وجميلاً جداً.
 المجد كان من أبرز الأندية المتميزة على الساحة الرياضية اليمنية غير أن تاريخ هذا النادي أصبح في خبر كان.. ترى ما هي الأسباب؟
- كما قلت في السابق نادي المجد كان يمر بظروف صعبة جداً جداً، لا ملعب ولا مقر ولا رئيس ناد يموّل، بل اللاعبون هم الإداريون وهم المسؤولون في النادي. منهم رئيس النادي ومنهم مدرب الفريق والمشرف الرياضي حتى سائق الباص من اللاعبين داخل صنعاء وخارجها، وليس المجد الفريق الوحيد في اليمن المكافح، لذلك تاريخ هذا النادي صعب جداً ومن أصعب الأندية التي عانت في اليمن، ولا ننسى المؤامرة لطمس هوية واسم نادي المجد.

اعترضت على الدمج
 هل كنت مع فكرة دمج المجد مع الأندية الأخرى تحت مسمى 22 مايو حالياً؟
- لم ولن أكون موافقاً مطلقاً على تغيير اسم نادي المجد ودمجه مع الأندية الأخرى مهما كانت الظروف، ولكن للأسف الشديد تمت العملية تحت ضغط كبير جداً على القائمين على النادي آنذاك بعد أن كان نادي المجد اسماً على مسمى، ونتج بعد دمج الأندية تدهور فقط، التاريخ لا ينسى نادي المجد الذي كان يضم أبرز اللاعبين ونجوم كرة القدم، أمثال الكابتن القدير جمال حمدي والمرحوم مهدي الحرازي ومحمد الآنسي وغيرهم من النجوم الكبار.
 شخصيات لعبت دوراً بارزاً في مسيرتك الرياضية؟
- أعتز بالمدرب الوطني القدير مقبل الصلوي، والمرحوم المدرب علي محسن مريسي، والمرحوم المدرب مهدي الحرازي، والكابتن القدير جمال حمدي.
 ماذا أعطتك الرياضة؟ وماذا أخذت منك؟
- أعطتني حب الوطن وحب الجماهير، وكذلك علمتني الأخلاق الرياضية مع الجميع، الرياضة لم تأخذ مني أي شيء بل أعطتني الكثير حتى هذه اللحظة.
 من خلال متابعتك.. كيف تقيّم عمل الاتحاد العام لكرة القدم بقيادة أحمد العيسي؟
-  الاتحاد العام لكرة القدم كان في السابق أفضل بكثير جداً رغم الصعوبات المالية للأندية والمنتخبات الوطنية وشحة الإمكانيات لكن كان هناك رياضة وكرة قدم حقيقية.. ولا ننسى في السابق أن رئيس اتحاد كرة القدم هو اللاعب في النادي وقائد المنتخب الوطني في نفس الوقت المرحوم الكابتن القدير علي الأشول، أما الآن فرئيس الاتحاد مهامه مجرد التواجد في المحافل الخارجية فقط.
 في رأيك.. ما هي الأسباب التي أدت إلى تدهور الحركة الرياضية في اليمن وخاصة التراجع الذي حل بلعبة كرة القدم، ومن يتحمل المسؤولية؟!
- أسباب تدهور الحركة الرياضية هي الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا الحبيب نتيجة الحرب عليه، وعدم وجود مسؤولين أكفاء في الجهات الحكومية الرياضية وعدم وجود شخصيات رياضية في الأندية والاتحادات والوزارة، وكذلك الظروف المالية الصعبة التي يمر بها اللاعبون.

دموعي والمنتخب الموحد
 ما هو الحدث الذي لا تنساه في مسيرتك الرياضية؟
- الحدث التاريخي الذي لن أنساه طوال حياتي هو تشكيل منتخب يمني موحد ورفع علم اليمن الموحد وكذلك ترديد النشيد الوطني لليمن الواحد في إحدى المباريات الدولية وكانت دموع عيني لا تتوقف حتى انتهاء النشيد ورفع العلم اليمني، هذا حدث تاريخي وذلك هو الزمن الجميل بكل تفاصيله.
 كيف ترى الأحداث التي يمر بها الوطن حالياً.. وما هي الرسالة التي توجهها؟
- للأسف الشديد، وطننا الحبيب يمر بمرحلة صعبة جداً جداً، ونسأل الله عز وجل أن يعجل بالفرج وأن يحسن المخرج وأن يلم شمل اليمنيين أمام مخطط أعداء الوطن العربي والأمة الإسلامية، والرسالة التي أوجهها لكل عقلاء اليمن من مسؤولين ومشائخ وعلماء أقول لهم: اليمن والشعب اليمني أمانة في أعناقكم.
 كلمة أخيرة تود قولها في ختام هذا الحوار؟
- في الختام، الشكر والحب والاحترام لكل مواطن يمني غيور يحب تراب هذا الوطن الحبيب وإخلاصه لهذا الوطن مهما كانت الظروف، والشكر لك أخي يحيى الذي عدت بنا إلى الجماهير الرياضية وإلى الزمن الجميل فعلاً للكرة اليمنية من خلال هذا الحوار والأسئلة الشيقة والجميلة.

ســـيرة ذاتيــة:
أنور محمد الحرازي. 
مواليد 1965م. 
حاصل على بكالوريوس سياسة واقتصاد عام 1990م.
أب لـ4 من الأبناء.
موظف في الخطوط الجوية اليمنية.