أندرو سميث* |موقع منظمة “بيبول ورلد” الأمريكية:
ستبت المحكمة العليا، بعد أسبوعين، في القضية التي يمكن أن تشكل سابقة مُدوية من الممكن أن تلعب دورا أساسيا في تغيير مسار سياسة تصدير الأسلحة البريطانية.
في الفترة من 7- 9 من فبراير القادم، عقب الطلب المقدم من منظمة “حملة ضد تجارة الأسلحة”، سينظر القضاة في قانونية صادرات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية التي يتم استخدامها في اليمن.
مضى قرابة العامين الآن على شن القوات السعودية حملة قصف وحشية ومدمرة على الشعب اليمني. دُمرت المدارس والمستشفيات والمنازل في عمليات القصف التي أودت بحياة 10 آلاف شخص وتسببت في خلق كارثة إنسانية في واحدة من أفقر البلدان في المنطقة.
أدان كل من الأمم المتحدة والبرلمان الأوربي ووكالات إغاثة كبرى العواقب المروعة التي تم لمسها على أرض الواقع وحذر الصليب الأحمر الدولي من دفع البلد إلى هاوية المجاعة.
ووفقا لتقرير مروع صادر عن منظمة اليونيسيف، يموت في اليمن طفل واحد كل عشر دقائق بسبب سوء التغذية والإسهال والتهابات الجهاز التنفسي وهناك 400 ألف طفل عرضة لخطر الموت جوعا.
عندما بدأ القصف، تعهد وزير الخارجية البريطاني حينها، فيليب هاموند” بدعم السعوديين بكل وسيلة من خلال المشاركة في عملية التدخل القصيرة في الحرب”. وللأسف، ظلت الحكومة البريطانية وفية بكلمتها. وأحد الطرق الرئيسية التي طبقت بها ذلك التعهد هو بيع الأسلحة.
وعلى الرغم من الدمار، وعلى الرغم من سجلها المخيف بشأن حقوق الإنسان في الداخل، باتت المملكة العربية السعودية أكبر مشتر للأسلحة البريطانية إلى حد بعيد.
(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)
لم تتراجع مبيعات الأسلحة أبداً. وفي الواقع، أصدرت بريطانيا تراخيص لبيع أسلحة تزيد قيمتها على 3.3 مليار جنية استرليني أي (4.1 مليار دولار أميركي) منذ بدء القصف. وتشمل تلك المبيعات طائرات تايفون المقاتلة، التي استخدمت في عمليات القصف والقنابل والصواريخ التي ربطت تقارير هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية بينها وبين الهجمات على الأهداف المدنية.
وفي الشهر الماضي، أقرت القوات السعودية بأنها استخدمت قنابل عنقودية بريطانية الصنع، وهي أحد أقسى وأشد الأسلحة المستخدمة في الحروب فتكا.
فعندما يتم إسقاط هذه القنابل تنفجر القنبلة الأم في الهواء وتنطلق منها مئات الذخائر الفرعية. ولان تأثيرها عشوائي، فمن المحتمل جدا أن تقتل أي شخص داخل المنطقة التي تسقط فيها أو أنه قد يصاب إصابة بالغة.
تم تصدير القنابل في العام 1988، ولكن عمر هذه الأسلحة يعتبر أطول من مدة الوضع السياسي الذي تم شراؤها خلالها.
كيف ستستخدم الأسلحة التي بيعت الآن بمليارات الجنيهات وضد من ستستخدم؟
وإذا لم نأخذ بعين الاعتبار استخدام الجيش السعودي للقنابل العنقودية ضمن الحدود المسموح بها، عندئذ ما الذي يرجح بان أفراده يفعلون كل ما بوسعهم لتفادي سقوط ضحايا مدنيين؟
إن القضية ليست فقط قضية القنابل القاتلة بل إنها في المقام الأول قضية مبدأ السماح باستخدامها.
إن قانون تصدير الأسلحة البريطاني واضح جدا فهو ينص على أنه لا تمنح تراخيص لبيع المعدات العسكرية إذا كان هناك “خطر واضح” أو “قد” يتم استخدامها في انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي.
ووفق أي تفسير عقلاني، تحظر هذه المعايير جميع مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية التي بدورها ستستخدمها في اليمن.
بالطبع هذه العلاقة ليست وليدة اليوم والمشكلة هي بالأصح مؤسسية أكثر من كونها حزبية سياسية. فالحكومات البريطانية المتعاقبة مستمرة منذ عشرات السنين في تقديم كل أنواع الدعم السياسي لنظام الحكم السعودي دون تمحيص.
رأينا في العام 2006، كيف تدخل رئيس الوزراء السابق، توني بلير، لوقف التحقيق بشأن فساد صفقات الأسلحة بين المملكة العربية السعودية وشركة “بي ايه اي سيستمز” للأسلحة. وأعقب ذلك وبسرعة بيع طائرات مقاتلة أخرى تقدر بمليارات الجنيهات.
ورأينا في العامين 2013 و2014 كيف قام رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون وحتى الأمير تشارلز بزيارات للمملكة العربية السعودية لالتقاط الصور الفوتوغرافية التزلفية والدفع بعملية بيع الأسلحة.
يبدو أن مجرى التوافق السياسي في حالة تحول بسبب الحزب الوطني الأسكتلندي والحزب الليبرالي الديمقراطي – والعديد من المشرعين المحافظين المغمورين-فالكل يدعو لتعليق مبيعات الأسلحة لحين إجراء تحقيق مستقل في مشروعيتها. وستكون هذه خطوة كبيرة في مشوار تحويل شروط النقاش.
ولكن، حتى وإن حدث ذلك، فإنه لن يكون كافيا مالم يُكًمّل ذلك وضع حد لمبيعات الأسلحة في المستقبل وإحداث تغيير حقيقي في السياسة الخارجية.
وبصرف النظر عن النتيجة التي ستصدرها المحكمة الشهر المقبل، فقد بات من الواضح مدى ضعف موقف مصدري الأسلحة وانتهاكهم لضوابط تصدير الأسلحة. لقد تسببت الديكتاتورية الوحشية السعودية في خلق كارثة إنسانية، قتلت الآلاف من المدنيين وضربت بالقانون الدولي عرض الحائط. ورغم ذلك تواصل بريطانيا دعمها وتزويدها بالسلاح.
وبدلا من أن تتبع قوانينها الخاصة بشأن مبيعات الأسلحة، جعلت الحكومة أرباح شركات الأسلحة من أولياتها التي تتعدى حقوق الإنسان.
إذا لم يكن ذلك كافيا لوقف مبيعات الأسلحة، فما الذي ينبغي أن يحدث أكثر من ذلك؟
(ملاحظة: إدارة التحرير: هناك موردون رئيسيون للأسلحة للسعودية إلى جانب المملكة المتحدة وهم الولايات المتحدة الأميركية وكندا وألمانيا وفرنسا والصين.)

*أندرو سميث: المتحدث باسم “الحملة الدولية ضد تجارة الأسلحة”، ومقرها في المملكة المتحدة.


ترجمة: نشوى الرازحي