القيادي الاشتراكي فاروق العبسي لـ(لا):
العدوان في حالة تراجع دائم وشعبنا حقق انتصاراً مذهلاً

في هذا الحوار يقدم القيادي والسياسي الاشتراكي فاروق ثابت العبسي، أنموذجاً آخر عن الشخصية اليسارية الوطنية المضادة للموقف القيادي المترهل والمبتذل في صفوف العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، متحدثاً عن متغيرات اللحظة على المستويين الدولي الإقليمي، ومقيِّماً مآل القوى السياسية اليمنية، ومتابعاً لتغيرات المشهد الاجتماعي والسياسي اليمني، كصاحب تجربة وخبرة سياسية ثورية طويلة.. إليكم نص الحوار:
 كيف تقيِّم الوضع الراهن للعدوان السعودي الأمريكي على الصعيد العسكري الميداني، وفي ضوء مشاورات الكويت؟!
تقييمي لوضع العدوان اليوم، هو أنه بعد عام وشهرين، لم يستطع أن يحقق أهدافه، وهو يعيش تداعيات متواصلة أفضت به الآن إلى الكويت، وذلك بعد صمود أبي لشعبنا اليمني، وبمقدمته جيشه ولجانه الشعبية، منزلين به هزائم مستمرة على كل الأصعدة، وليس الصعيد العسكري فقط.. وخلال هذه المدة من الصمود والبطولات اليمنية، مررنا بمحطات عدة للوصول إلى مشاورات الكويت، ولعلنا نتذكر أهم محطة، وهي اللقاء المباشر بين الإخوة في أنصار الله والسعودية، وهو ما يدل أن العدوان والإمبريالية والصهيونية التي تقف وراءه، وصلوا إلى قناعة مفادها أنه لا يمكن حسم المسألة بالخيار العسكري، وأصبح من الضرورة الجلوس على طاولة بشكل مباشر، وهذا يُعد هزيمة كبيرة للعدوان، ولأهم أهدافه، والمتمثلة في إقصاء أنصار الله واجتثاثهم، واعترافاً مباشراً بهم كطرف يمني رئيسي، وإقراراً منه بذلك.. وبالطبع فإن مشاورات الكويت المباشرة جاءت بعد اللقاء الذي تم في ظهران الجنوب بين أنصار الله والسعودية، والذي ربما حوى اتفاقات قد تكون سرية، ولكن نلاحظ أنه أفضى لمشاورات الكويت الجارية.
العدوان صار اليوم يقدم تنازلات كبيرة للخروج من المخنق الذي يعيشه، والوصول إلى حلول بعيدة عن الخيار العسكري والعدواني خلافاً لما أعلنه - خصوصاً في مؤتمر الرياض المنعقد في مايو العام المنصرم ـ من أنه سينهي ما سماه (الانقلاب)، ويستلم السلطة، ويعيد عملاءه إلى صنعاء، وسيجتث أنصار الله، وسيدخل إلى مران... إلى آخر ما توعد به، وها هو اليوم يجاهد للوصول إلى جلوس مباشر مع الأطراف الوطنية، لا سيما أنصار الله، على طاولة واحدة، ويعترف بدورها ووجودها.
في البروتوكولات الدبلوماسية التي أقيمت في الكويت، نلاحظ أن وفد الرياض لم يستقبل استقبالاً رسمياً أو شعبياً، على عكس الاستقبال الرسمي الذي حظي به وفد القوى الوطنية الذي يتزعمه أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام. نعم هذه مسألة بروتوكولية شكلية، لكنها مهمة من حيث الدلالة. إضافة لذلك، لقاء أمير الكويت بوفد صنعاء والجلوس معهم، والذي كان له أثر كبير في إذابة الجليد أمام القوى الوطنية، وينظر له كعملية تودد بعد إصرار الإخوة في المؤتمر وأنصار الله، وطرحهم أنه لا يمكن التوقيع على جدول الأعمال إلا بعد إيقاف الغارات والزحوفات العسكرية، إذ لا يمكن الشروع بالمشاورات في ظل استمرار الحرب على الوطن. واستطاعوا فرض النقاش حول تثبيت وقف إطلاق النار، وكان خطابهم قوياً ومتزناً وواسع الصدى، وهذا كله موقف يعبر عن توازنات القوة ورجاحة الكفة لصالح الوطن مقابل العدوان، ويؤكد أيضاً أن وفدنا الوطني يفاوض من موقع القوة بفرض شروطه وخياراته على العدوان، وإجباره على القبول بمناقشتها، وأهمها وقف العدوان ورفع الحصار، ليكون مدخلاً طبيعياً وموضوعياً لعملية مفاوضات، والتعامل مع العملية السياسية برمتها.
ولذا يجدر بنا أن نقول حقيقة إن العدوان الآن يعيش حالة تراجع مستمرة في كافة المستويات العدائية، ويتراجع في سقفه وأهدافه ومشروعاته، ومصاب بالوهن والعجز والهزيمة، والدليل الأكبر على ذلك، أن الواقع اليمني، وبجانبه العالم، يقول بانتصار الشعب اليمني، على كافة الجبهات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والإعلامية.

 برأيك ما هي الأولويات الوطنية التي يجب الالتفاف حولها لصد هذا العدوان، وإيقافه عن ممارسة جرائمه؟
المشروع الوطني الكبير الحامل لانتصار الشعب اليمني خلال هذا العدوان، انتصاراتنا وأحلامنا، وما أنجزناه إلى الآن، يجب أن يتم استيعابه في إطار مشروع وطني حامل كبير يشمل كافة الرقعة الوطنية، وبدونه تكون انتصاراتنا معرضة للانتكاس. بعد الخروج من مشاورات الكويت، يجب أن يكون هناك تصور شامل للمشروع الوطني، يستوعب كافة المتغيرات والمستجدات الوطنية، ويكون مدركاً لطبيعتها وحجمها وكيفية التعامل معها.

 ما مقومات هذا المشروع؟!
أولاً لا بد أن تنطلق هذه المقومات من الكتلة الشعبية الكبيرة التي يمثلها أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام، باعتبارهم قوة كبيرة في الميدان، أجبرت القوى الإقليمية والدولية أن تتعامل معها، ويقع اليوم عليهم مسؤولية وطنية كبيرة بأن يكونوا هم نواة وحامل المشروع الوطني، وعليهم بلورة برنامج هذا المشروع، وأعتقد أنه من خلال هذا يمكن دعوة بقية القوى الأخرى للالتفاف في إطار برنامج وطني، وأن تكون المنافسة الحزبية على أساس برامجي، وليس مكايدات ومناكفات سياسية لا تؤدي إلى نتيجة، بعيداً عن التشهير الإعلامي والسياسي، وقريباً من ملامسة الحقيقة، من خلال المسؤولية الوطنية لهذا المشروع الوطني، كحامل لهذا الانتصار.. إضافة إلى ذلك، النظر إلى إدارة النظام السياسي الجديد من خلال منظومة إدارية ومحاسبية ترتكز على مبدأ المساءلة والمحاسبة، وتفعيل دور لجنة مكافحة الفساد، إذ لا يمكن قيام مشروع وطني في ظل وجود الفساد، الذي سيفتك بانتصارنا، ولن يأتي إلا بدولة هشة.

 وما الإجراءات المطلوبة في هذا السياق، لا سيما التعامل مع الخارج، وتنظيم العلاقات السياسية والدبلوماسية؟!
المعركة الحالية، لها أبعاد عدة؛ سياسية وأمنية واقتصادية وعسكرية وأيديولوجية، وكل هذه الجوانب يجب أن يجسدها المشروع الوطني.
اليوم هناك قوى إقليمية ودولية عدة، والعالم أصبح - كما يقال -قرية صغيرة، تحكم علاقاته المصالح المتبادلة، وأينما تكون مصالح وطننا وشعبنا، سنكون، بغض النظر مع من نتعامل من الخارج، ويجب النظر بمسافة متساوية للجميع؛ للرياض، لطهران، لتركيا، للجميع، نجسد مصالحنا الوطنية، من خلال هذا يمكن مد جسورنا وعلاقتنا إلى كل العالم، دون التخندق أو التمترس مع (س) أو (ص) من الدول.. مصالحنا الوطنية هي التي يجب أن تكون القاعدة الأساسية الحاكمة لعلاقتنا مع الخارج.

 شهدنا طيلة أكثـر من عام صموداً وطنياً شعبياً مذهلاً في وجه العدوان.. ما أبرز عوامل الصمود اليمني التي عايشتها واختبرتها؟!
الصمود له مقومات، وأهم مقوماته تلاحم الجبهة الداخلية للوطن، والحفاظ على النسيج الاجتماعي. الجيش واللجان الشعبية والقبائل، كلها تستمد صمودها وبسالتها من تلاحم وتعاضد الجبهة الداخلية. إضافة إلى أنه رغم الحصار الشامل، كان هناك تكافل اجتماعي واسع بين المواطنين، وتقاسم الأعباء والأزمات، وهذا عزز صلابة الجبهة الداخلية، ورسخ مقومات الصمود الوطني، وعزز انتصاره على العدوان.

 بالنسبة للعدوان، ما السيناريوهات المرجوة كمخارج له من مشاورات الكويت؟!
بالنسبة للعدوان، سيناريوهاتهم المرجوة، هي أن ما عجزوا عن تحقيقه بالوسائل العسكرية والأمنية، يتوهمون أن بالإمكان تمريره بالعملية السياسية أو العملية الناعمة، إلا أن ما تم تحقيقه في إطار الجبهات العسكرية والميدان، هو ما سينعكس على طاولة الحوار السياسي مباشرة، والنتيجة ستكون مترتبة على كون ممثل الشعب اليمني أكثر تماسكاً وأكثر جذراً في رؤيته، وأكثر إيماناً بالقضية التي يدافع عنها ويدافع عنها شعبنا.

 لماذا برأيك اختيرت الكويت دوناً عن غيرها؟! ما المتغيرات التي فرضتها مقراً للمشاورات؟!
قبيل مشاورات الكويت كان هناك (جنيف1) و(جنيف2)، وخلالها وقبلها كان هناك لقاءات وحوارات ومقاربات في عمان، ومن خلال لقاء ظهران الجنوب تم التوافق على اختيار الكويت مقراً لاستضافة المشاورات، باعتبار أن هناك قبولاً للكويت من جميع الأطراف، إضافة إلى ما للكويت من إمكانيات لتخلق توافقات بين الأطراف، من خلال الدعم الدولي المباشر لها، سواء المفوضية أو الأمم المتحدة أو مجلس الأمن وغيرها.
ومن جانب آخر، باعتبار أن السعودية هي طرف مباشر في العدوان على اليمن، كان من الطبيعي ألا تكون الرياض مقراً للمشاورات أو أي حوار أو تفاوض، وهذا تنازل للسعودية بعد أن كانت تصر على أن يذهب الجميع إلى الرياض، واستصدرت قراراً دولياً بهذا.. هناك جملة متغيرات واعتبارات، منها تاريخ الكويت ودورها العروبي والقومي الذي لعبته في المنطقة، ومساحة الديمقراطية المتاحة فيها، والتجربة البرلمانية والمشاركة الشعبية المتروكة لاختيار القرار، كنموذج تضغط القوى الدولية، بمقدمتها أمريكا، لتطبيقه في باقي الخليج، وهو ما تطلبه من السعودية التي أصبحت تشكل عبئاً على راعيها، من تغييرات سياسية واقتصادية.. كما أن لعلاقتها الوثيقة باليمن منذ الستينيات، ومشاريعها الاقتصادية والبنيوية المتنوعة والمنتشرة في عموم الجمهورية، دورٌ رئيسيٌ، إضافة لدورها السياسي الذي لعبته بين الشطرين، وغير ذلك من جوانب العلاقات مع الكويت، والتي جعلت منها محل اختيار.

 تابعت التصريحات الأخيرة لناطق أنصار الله محمد عبد السلام، لصحيفة (الوطن).. كيف وجدتها؟! أهي مناورة سياسية؟! وما الذي يرجى تحقيقه منها؟!
الناطق الرسمي لأنصار الله الأخ محمد عبد السلام، يتمتع بحنكة سياسية عالية، ويعتبر إضافة سياسية نوعية للحركة السياسية اليمنية بشكل عام، فهو من خلال تصريحاته يوجه رسائل عدة للداخل والإقليم والخارج، وهو في تصريحاته، يظهر مرونة وتعاطياً مسؤولاً بعيداً عن الشطحات الإعلامية، وهذا محسوب له أكثر مما هو عليه. أضف إلى ذلك أنه أشار إلى كثير من القضايا الإقليمية، خاصة عندما أشار إلى رفض إيران منح وديعة في البنك المركزي اليمني بقيمة ملياري دولار، عندما هددت السعودية بسحب وديعتها من البنك المركزي، هذا تعاطٍ مسؤول منه يوضح الحجم الفعلي لإيران في اليمن ودورها. وهي رسالة مفادها أن هناك شعباً يمنياً صامداً، وهناك وطناً، ونحن نعكس مصالح الشعب والوطن، وأينما تكون مصالحه نكون نحن. هي رسالة للجميع، بما في ذلك السعودية، أننا دعاة سلام، ليس مشروعنا الحرب، ولسنا نستهدف السعودية، نحن نريد أن نبني وطننا، ونريد التعامل كأنداد، الشعب اليمني شب عن الطوق، ويرغب بحسن الجوار والتعامل الندي، ويسعى له، مع الحفاظ على المصالح المتبادلة.

 وفقاً لرؤيتك.. ما أبرز المتغيرات التي ظهرت خلال فترة العدوان على اليمن؟!
من أبرز المتغيرات، خطاب ودور القبيلة المسؤول في الدفاع عن الوطن ودعم كافة الجبهات بالمقاتلين والعتاد والإمكانيات، حيث مثّل حضورها وفاعليتها تجذيراً للتماسك الوطني والتلاحم الاجتماعي الشعبي، رغم اعتبار البعض أنها كانت الخاصرة الرخوة التي توغل عبرها العدوان داخل البلد، لكن المتغير الوطني هنا هو ارتفاع الخطاب الوطني للقبيلة اليمنية إلى هذا المستوى الذي يتجاوز الخطابات التمزيقية للأحزاب التي اعتقدنا أنها مؤسسات مدنية وطنية، وصارت تدعو للعودة إلى ما قبل الدولة الوطنية.
ومن اللافت، التماسك في الجبهة الإعلامية الداخلية، وهو ما يقول بوعي وطني عالٍ، وأن هؤلاء الناس بضميرهم الجمعي قد تجاوزوا الوعي الضيق القديم إلى الوعي الوطني، وهذه مسألة هامة جداً كمتغير وطني وتحول اجتماعي في الوعي والعلاقات الاجتماعية.

 وسلبياً، هل وجدت تغيرات من هذه الناحية؟! 
نعم، المتغير السلبي الأبرز، ما ظهر من حالة الوعي الشعبي في المناطق الجنوبية -لاسيما عدن- وارتفاع نبرة العدائية لكل ما هو شمالي؛ إذ أصبح الشمالي مستهدفاً ومعرضاً للتصفية، لا لشيء، عدا كونه من محافظات الشمال! هذا مؤشر كارثي على تراجع الوعي الوطني لدى شعبنا في الجنوب، يجب معالجته سريعاً.

 خلال 14 شهراً من العدوان الكوني على الوطن.. كيف وجدت خطاب ودور أحزاب اليسار، بالمقارنة مع المؤتمر وأنصار الله؟!
أحزاب اليسار، وبالذات الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الناصري، انضوت في صفوف تحالف العدوان للأسف، وكان دورها سيئاً ومتراجعاً إلى حد كبير، وهو يعكس رؤية قيادات معينة جعلت من مصالحها الشخصية الضيقة أعلى من مصالح الوطن والشعب، وحاولت أن تجر هذا الموقف المشين المهين لها على حساب قواعدها الشعبية.. هذا من أحزاب اليسار يعد نقيصة وسوءاً وخارجاً عن منطق التاريخ ومنطق الأشياء، إذ يفترض دورها في صالح الشعب وخدمة معاناته وتلبية طموحاته التي تخلق من داخلها، لكن العدوان أحدث فرزاً جلياً بين القوى، مع الوطن والشعب أو ضدهما، فالشعب اليمني لديه غبن تاريخي متراكم ضد السعودية، وما فعلته به طيلة قرن وأكثر، وبهذا العدوان تفجر هذا التراكم لدى الشعب، الذي يرفض العدوان، ويرفض السعودية، ويرفض كل ما له صلة بها، وعندما وقف أنصار الله والمؤتمر إلى جانب الشعب، كسبوا كل هذه القاعدة الشعبية، بينما خسرت القوى التي ركعت للرياض، وتآمرت معها، قاعدتها الشعبية وأنصارها. وبعيداً عن اختلافنا أو اتفاقنا مع المؤتمر، لكن الحقيقة أننا وجدنا قيادات مؤتمرية مع الشعب والوطن، وأخرى ضد، ووجدنا لحزب لمؤتمر موقفاً وطنياً مسؤولاً من العدوان، وموقفاً مسؤولاً موحّداً على المستوى التنظيمي من القيادات التي خانت وارتزقت، محافظاً بذلك على دوره وعلى قاعدته الشعبية، بل استعاد وجوده الشعبي بهذا الموقف. وأياً كان الصراع مع المؤتمر، فإن الواقع الحالي يحتم علينا تعزيز وحدتنا الوطنية، نحن في مرحلة وطنية فارقة الآن، ويجب أن نبتعد عن النزق السياسي، ونقدم المصلحة الوطنية، ونعي أولوياتنا الوطنية.
أنصار الله كان موقفهم مسؤولاً، ومع الوطن والشعب، والقضايا الحساسة، ولهم دور طليعي الآن بمواجهة العدوان، ودور بارز في التحولات الوطنية والاجتماعية التي تشهدها البلاد، ونستطيع القول إنهم ليسوا حركة متطرفة، بل دعوا للشراكة الوطنية للجميع، وبدافع وطني من وقت مبكر، عندما وصلوا إلى صنعاء، والقوى الدولية رأت فيهم خطراً، وأرادت إقصاءهم عن المشهد، لكن هذا المكون الوطني الصاعد، بديناميكيته وفاعليته وقاعدته الشعبية، يعد مرتكزاً رئيساً في المشروع الوطني، وبإمكانه القيام بدور وطني فاعل جداً مستقبلاً.

 وماذا عن الجيش اليمني؟ أهو حرس عائلي كما ظل يُردد طيلة سنوات؟!
جيشنا اليمني، يتعرض لمؤامرة كبيرة جداً، هناك تسويق إعلامي ضخم ضده من فترة سبقت العدوان، على أنه جيش أسري وميليشيا انقلابية!.. والمتابع يرى من خلال المخطط داخل المنطقة العربية بالكامل، كيف تم تحويل الجيش العربي السوري إلى شبيحة الأسد، والجيش العربي الليبي إلى كتائب القذافي، ويفهم بلا شك المسألة مع الجيش اليمني وتحويله إلى حرس عائلي. هذه التسويقات والتضليلات خلطت كثيراً من المعاني والمفاهيم؛ إذ أصبح المرتزقة والمأجورون جيشاً وطنياً، فيما جيش الجمهورية والثورة صار مرتزقاً وعائلياً. ولا ننكر أن هناك اختلالات داخل المؤسسة العسكرية، لكن هذا كله لا ينفي تكوينهم الوطني ودورهم الوطني اليوم، ولولا هذه المؤسسة العسكرية لكان وضعنا اليوم سيئاً جداً. علينا أن نغير مفاهيمنا، ونتعامل بمسؤولية وطنية، ونترفع عن المصالح الحزبية السياسية الضيقة الأنانية، ونلتزم بمصالح الوطن والشعب، ونعمل من أجل إعادة بناء جيش أكتوبر وسبتمبر، بصورة صحيحة، ليلعب دوره الصحيح في بناء الدولة الوطنية اليمنية المنشودة، ولا يمكن حدوث أي تحول إلا بوجود جيش وطني قوي ومؤسسة عسكرية وأمنية فاعلة ووطنية، كضامن لهذا التحول، وضامن للعملية السياسية والديمقراطية.

 الاشتراكية خارج صفوف الحزب.. كيف تعلق؟!
الاشتراكية هي منظومة قيمية أخلاقية فكرية، تجسد معاناة الناس ونضالاتهم، وعلينا أن نلتزم بانحيازنا للناس، والموقع الحقيقي هو بين صفوف الشعب، وليس الحزب بذاته، فهو معبر عن تطلعاتهم ونضالاتهم، ويفترض أن يكون في طليعتهم.
للأسف، الحزب الاشتراكي تحول من حزب أيديولوجي إلى حزب جماهيري على الورق فقط، والتخلص لم يكن من النظرة الأيديولوجية الجامدة، بل كان من المنهج والعلمية والانحياز الاجتماعي والمدرسة الحزبية، انعزل الحزب عن قضاياه، قضايا الشعب والوطن، وغادر قاعدته، فلاحين وعمالاً وكادحين وطلبة وجنوداً ومثقفين ثوريين، وجاءت قيادات جيَّرت الحزب لمصالحها، وقدمتها على كل المصالح الشعبية والوطنية. الحزب حقاً يعاني من تراجعات كبيرة جداً، ومعظم كوادره ومناضليه صاروا خارجه، لأنهم حوربوا وتم إقصاؤهم.

  يذهب البعض للقول إن الحزب الاشتراكي، ليس حزباً، بل جبهة سياسية، لا يعبر عن انحياز واحد، بل عدة انحيازات، صار يعبر عن مصالح متناقضة متناحرة، ما تقييمك؟!
التنوع والتعدد في الرؤى مطلوب، لكن يجب أن تكون كلها في إطار برنامج واحد سياسي اقتصادي فكري، وهذا ما لا يملكه الحزب الاشتراكي، أو ما لم يعد يملكه.. داخل الحزب يجب إعادة صياغة كاملة ومراجعة كاملة وإعادة بناء كامل.
الحزب الاشتراكي، لا يذهب إلى التشظي فقط، بل إلى الذوبان، والسبب الأكبر والأكثر تأثيراً في هذا المآل، هو تخلي الحزب عن قضاياه، وانعزاله عن جماهيره التي تمخض من معاناتها، ويبقى سبب وجوده واستمراره هو بارتباطه الوثيق بها، وبانقطاع هذه العلاقة ينتفي سبب وجوده وبقائه.
تستطيع القول إن مجموعة ضيقة انتهازية من القيادات هي التي أفضت بدرجة رئيسية بالحزب إلى هذا المآل بأكثر الصور ابتذالاً، وهي ربطت مصيرها ومصالحها ووجودها للأسف بالعدوان...

 أين برأيك كانت بداية الانحراف في مسار الحزب؟!
البداية كانت في تفجير أحداث 86م، حيث تعرض الحزب لانقسام كبير على مستوى الدولة والمجتمع والحزب، وتداعيات أحداث يناير عكست نفسها في 22 مايو وإعلان الوحدة اليمنية، التي كان تحضيرها سيئاً، ودخلت السلطتان في الشمال والجنوب بعملية تقاسمات سلطوية من خلال الوظيفة العامة، وحدثت عملية إقصاء وتصفية للكادر الحزبي والوطني السياسي والعسكري.. وهكذا تراكمت الاختلالات والانحرافات داخل الحزب، وأصبح يأكل نفسه من الداخل. التراجع الكبير كان في الوحدة مع تخلي الحزب عن مصالح الكادحين، ودخوله في المحاصصات، وتسليمه بكل سهولة إنجازات الثورة الوطنية الديمقراطية لمافيات الخصخصة، التي راحت تشرد وتنكل بالناس، خاصة في الجنوب.

 سيرة ذاتية:
فاروق ثابت العبسي 
مواليد عزلة الأعبوس - مديرية حيفان بمحافظة تعز، 1959م.
1973 بدأ نشاطه الحزبي في صفوف الحزب الديمقراطي الثوري اليمني، ثم انتقل لمحافظة صنعاء في إطار العمل السري، وانضوى هناك مندوباً عن الحزب في أحد فروع سكرتارية الجبهة الوطنية الديمقراطية، ثم قيادياً في الحزب الاشتراكي اليمني.
حاصل على ليسانس آثار.
حاصل على دراسات عليا في مجال الإدارة العامة من جامعة صنعاء.
يعمل حالياً في وزارة السياحة اليمنية.
متزوج وأب لخمسة أبناء.