دخانٌ كثيفٌ يغلفُ وجه النهار
ويخنق أنفاسنا
والمدينة مرهقةٌ والبيوت مضرجةٌ بالقلقْ...
فيا باب موسى لماذا السكوت؟
لأن الكلام الذي كان في شفتيّ احترقْ..
الشوارع خائفةٌ تتدافع مذعورةً
تسأل العابرين إلى موتهم
عن زمان مضى
وتفتش خلف ملامحهم
عن بقايا رمقْ...
تتهاوى المآذن مذبوحةً
والقباب ممزقةً تتطاير أشلاؤها كالورقْ...
المدينة غارقةٌ في بحارٍ من الدم والنار
من سوف ينقذها؟
القوارب نائيةٌ والعواصف وحشيةٌ
والسكاكين مغروزةٌ في الحشا والحدقْ...
صبرٌ ابنُ عم المدينة
عاشقها الأزلي جريح الخطى
واهنٌ يترنح تحت جنون الغسقْ...
هذا الذي شيدته السماء مزاراً
 لأفئدة العاشقين ومتّكَأً للنجوم
انطأفت في مراياه شمس الضحى
وكسى مقلتيه الأرقْ...
لم يعد يتوهج كالأمس
ما عاد مبتسماً لخطى العاشقين
نسي ظله عند بوابة الزمن البربري
وجفَّ الندى في جفون المشاقر
وانتحر الورد والياسمين
وذاب على وجنتيه الألقْ...