الجيش واللجان الشعبية سيتجاوزون ما بعد (جيزان ونجران وعسير) وجنيف2 محاولة لإنقاذ مملكة السوء
مدير مكتب رئاسة الجمهورية لـ(لا): عملنا لا يتأثر بحضور الرئيس أو غيابه


في ظل المشهد السياسي والاجتماعي المعقد الذي تعيشه البلاد تواصل صحيفة «لا» لقاءاتها مع صانعي القرار والمؤثرين في مجريات المشهد الوطني والاجتماعي من مفكرين وسياسيين ومثقفين وطنيين، لتزيح حواجز الإبهام والغموض أمام المواطن، وما يعتريه من تشاؤم تجاه المشهد، ساعية لوضع القارئ أمام الواقع بلا لبس.
في العدد (الثامن) من ميلادها، تلتقي «لا» بمدير مكتب رئاسة الجمهورية أ/ محمود الجنيد، وتحاول معه الوصول لحاجة المواطنين من معرفة حقيقية لواقعهم المعاش، آملين النجاح في تأدية هذه المسئولية الكبيرة والحساسة تجاه الوطن.. وإليكم نص الحوار.
إلى أين يؤول العدوان على الوطن؟ وكيف تبدو النهاية برأيك لمعركة تعز؟
بسم الله الرحمن الرحيم. أولاً، نرحب بكم بهذا اللقاء مع صحيفتكم المميزة، والتي منذ تأسيسها القريب عهدناها تتناول القضايا والمواضيع الهامة على مستوى الساحة الوطنية.
العدوان طبعاً، وصل إلى أفق مسدود، وانكسر في معظم الجبهات، ولم يستطع أن يحقق أي هدف من الأهداف التي ادعاها، أو تلك التي حاول أن يظلل العالم بشأنها. وهو الآن يكابد مصيراً مأساوياً، ويعرف جيداً أنه عالق في كل الجبهات وليس أمامه إلا الاستسلام.
أما فيما يتعلق بجبهة تعز، فالواقع شهد خلال هذه الأيام، أن المرتزقة المجندين مع قوى العدوان اليوم يندحرون ويفرون كالنعاج، واللجان الشعبية والجيش يتقدمون يوماً بعد يوم ويطهرون المناطق والمواقع التي كان يتمركز فيها المرتزقة، وخصوصاً بعد تغير المعادلة المجتمعية بتشكيل «الجبهة الوطنية لمقاومة العدوان ومرتزقته»، بعد لقاءات وتشاورات ومؤتمرات مع أبناء المحافظة في كامل المديريات، وهي الآن شكلت رافداً شعبياً قوياً وأساسياً بجانب الجيش واللجان، وتتصدر الدفاع عن قضيتها التي هي قضية كل اليمنيين، وجعلت العدوان ومرتزقته في موقف حرج جداً بعد تكشف الحقيقة أن أبناء تعز بنسبة 99% ضد العدوان.

منتصف ديسمبر الجاري، تم الإعلان عن موعد للبدء في مؤتمر جنيف.. ما الذي استجد هذه المرة لكي يكون حوار جنيف مثمراً؟
علماً بأن ناطق أنصار الله «محمد عبدالسلام» أعلن مؤخراً بأنهم لن يذهبوا إلى جنيف والعدوان على الوطن لم يقف.
 أنا أعتقد بأن جنيف هي محاولة إنقاذ لمملكة السوء، للمملكة العدائية، ونحن نقرأ هذه المحاولات بأنها لحفظ ماء الوجه لدول التحالف التي اعتدت على اليمن بأبشع الطرق والأسلحة، مراوغة ومحاولة الحصول على أي تقدم في أي جبهة من الجبهات، والتخفيف عليهم في معارك الحدود.
هل الإعلان عن بدء المرحلة الأولى من الخيارات الاستراتيجية، جاء كتوجه جاد لتحرير الأراضي اليمنية المحتلة (نجران - جيزان - عسير)، أم هي تركيز ضغط على السعودية كي تقبل بالمفاوضات وتوقف العدوان؟
لا بالطبع.. فالخيارات الاستراتيجية هي لإعادة الاعتبار للشعب اليمني الذي يتعرض لعدوان همجي غاشم من قبل دول التحالف، واللجان الشعبية والجيش قادرون على كسر هذا العدوان من خلال التقدم في العمق السعودي، وإن شاء الله سيتجاوز الجيش اليمني واللجان الشعبية ما بعد (عسير ونجران وجيزان).

على مستوى الشأن السياسي الداخلي.. ما الخيارات السياسية الثورية أمامكم الواجب اتخاذها مع القوى المتخندقة بصفوف العدوان؟
بالطبع القوى السياسية التي تخندقت مع العدوان ووقفت معه والتي كان لها موقف مؤيد هي انتهت بطبيعتها، انتهت هذه القيادات المرتهنة للخارج، ونحن نؤمل أن يكون بيننا وبين القوى الوطنية حوار جاد ومسئول لملء الفراغ السياسي الذي تعيشه البلاد ولتشكيل حكومة وطنية حقيقية تعمل لمصلحة البلد؛ لا تكون مرتهنة للخارج، أيضاً تمتلك إرادتها، تمتلك قرارها السياسي.. هذا ما نسعى إليه في الشأن السياسي الداخلي.

العدوان والحصار المفروض على البلد تسبب بتوقف تحصيلات إيرادية رئيسية للموازنة العامة للدولة، كالضرائب التي تمثل 35% من الإيرادات، وكذا الجمارك، والهام أيضاً عائدات النفط اليمني.. كيف تتعاملون مع هذا الفارق المالي الكبير في الموازنة؟
استطاعت مؤسسات الدولة في المرحلة الأخيرة أن تعمل على تحفيز الإيرادات العامة للدولة، طبعاً وصلت في هذه الشهر إلى 58 مليار ريال، بينما كانت في الأشهر الماضية قد وصلت إلى 27 مليار ريال ثم إلى 37 مليار ريال، لكن بعد أن شُكلت اللجنة العليا لتحفيز العمل الرقابي الميداني، اختلف الوضع كثيراً، فقد استطاعت أن تضبط حركة المشتقات النفطية، واستطاعت أن تضبط الإيرادات، واستطاعت أن تضبط النفقات، واستطاعت أن تساهم في استقرار تدهور العملة، وبمشاركة جميع مؤسسات الدولة المتمثلة في اللجنة العليا للرقابة الميدانية.

هل تصل الإيرادات من المحافظات الواقعة خارج سيطرة الجيش واللجان الشعبية؟
لا، تدنت الإيرادات بشكل كبير جداً، وعلى مستوى - مثلاً محافظة عدن - فقد تدنت إلى 19 ألف ريال في الشهر، بسبب سيطرة داعش والقاعدة على هذه المدينة.
أيضاً محافظة لحج تكاد تكون الإيرادات منعدمة فيها، كذلك محافظة حضرموت ومحافظة المهرة، أما بقية المحافظات التي ذكرت فهناك زيادة طفيفة في تحصيل الإيرادات فيها.

مقاطعاً.. وتعز؟
تعز توقفت الإيرادات فيها خلال الشهر الأخير، لكنها عاودت مؤخراً الاستمرار في التوريد.
مقاطعاً.. أيعود ذلك -كما الحال مع عدن- لسيطرة الجماعات الإجرامية؟
هذا من جانب، والآخر والذي يتحمل المسئولية الكبرى فيه العدوان ومرتزقته، عائد ٌ لغياب السلطة المحلية عن أداء دورها، لكن إن شاء الله بعد أن تشكلت السلطة المحلية وعين محافظ جديد للمحافظة سيختلف الأمر، وتعز كانت تشكل الرافد الأول للإيرادات ضمن إيرادات السلطة المحلية.

ما صحة الأخبار المشاعة عن منح سلطنة عمان للجمهورية اليمنية مليار دولار وكمية كبيرة من النفط؟
أنا لا أعلم شيئاً عن هذا، لا توجد لدي معلومات عن هذا الموضوع.

أنت مدير مكتب رئاسة الجمهورية.. مدير ماذا؟! متى سيملأ هذا الفراغ؟
مكتب رئاسة الجمهورية هي مؤسسة رئاسية، وليست سكرتارية رئيس جمهورية، مؤسسة تتابع وتشرف وتراقب كافة مؤسسات الدولة في إطار النظام والتنسيق المتبع، سواءً وجد رئيس أم لم يوجد.
مؤسسة الرئاسة هي تعنى بمهام عدة كإعداد الخطط السياسية والاقتصادية والإعلامية، وكذا في الأمور الإدارية، وفي كل شؤون الدولة، وهي ليست حكراً بوجود رئيس دولة، لكونها مؤسسة أساسية، تماثل في وجودها أي وزارة، ولها هيئاتها وكوادرها وميزانيتها المستقلة.

كيف تواجهون اختلالات الفراغ السياسي الحالي وخصوصاً في الجهاز الإداري والأمني؟
مؤسسات الدولة لا تزال قائمة، لكن الحكومة لم تشكل بالفعل، لكن هناك قائمون بأعمال الوزراء، ونحن لسنا في وضع طبيعي، نحن نعيش عدواناً شاملاً على الوطن. ويمكن القول: إن البرلمان بعد أن تم حله، طبعاً هو الحالة الوحيدة التي تشكل فراغاً.
أما مؤسسات الدولة فهي قائمة، والفراغ فقط في شخص الوزراء، وهناك موظفون وهناك ميزانية لهذه المؤسسات، وكان صحيح هناك نوع من الضمور والفتور في الأداء أو الانكماش في الأشهر الماضية لأسباب عديدة منها القصف الجوي، إلا أنها الآن تمارس مهامها وأنشطتها وبدأت الأمور تعود للوضع الطبيعي، ونحن ندفع بهذا الاتجاه، وإن شاء الله تستكمل الحوارات بين القوى السياسية ويُملأ الفراغ السياسي وفقاً لمخرجات الحوار التي هي المادة الأساسية الممكن العودة لها من قبل كل المتحاورين، وإن شاء الله سيتم سد الثغرات والقضاء على الاختلالات أينما وجدت.

بالعودة إلى محافظة تعز.. هل استخدمت المحافظة كل طاقاتها بجانب الجيش واللجان الشعبية؟
بالفعل، كان هناك نوع من الانكفاء في محافظة تعز من قبل المجتمع، والذي هو في حقيقة الأمر يرفض العدوان عن بكرة أبيه؛ لكن كان هنالك مواقف سلبية تجاه الأوضاع الجارية في المحافظة، ولم يوجد تحرك مجتمعي حقيقي لمساندة الجيش واللجان الشعبية في الفترات الأولى؛ لكن في الفترة الأخيرة لاحظنا وضعاً آخر حين أدرك المواطنون من أبناء تعز أنهم ليسوا خارج المعادلة الوطنية ولا يجب أن يكونوا كذلك مستشعرين الخطر المحدق بسبب العدوان وما يقوم به مرتزقته.
كثير من الوجاهات والشخصيات من أبناء تعز أدركوا الواقع واستشعروا المؤامرة المحاكة على المحافظة العريقة، وضرورة السير بها مع خط الوطن المقاوم للعدوان ومرتزقته وعلى عكس ما سعى المتآمرون، والصوت الشاذ في المحافظة والذي أراد أن يكون هو الصوت السائد، وكان على وشك التغلب على الصوت الوطني.
ونحن الآن أمام مخاض آخر لــ99% من أبناء تعز في مواجهة العدوان ومرتزقته.

كيف تجنب (آل الجنيد) المصير الذي واجهه (آل الرميمة)؟
طبعاً الناس استفادوا من التجارب الماضية، ونحن تحركنا مع المجتمع المحيط، وبرغم أن المحاولات كانت من خمسة اتجاهات لاقتحام المنطقة (قرية الصراري)، إلا أننا تواصلنا مع الجميع، مع الشخصيات والوجاهات والمشايخ، وكان هناك استعداد كامل لأي مواجهة، ولا يزال الاستعداد قائماً، إلا أننا فضلنا أن نجنب المنطقة أي قتال، وبالفعل كان هناك التفاف لكثير من القُبل المحيطة بمنطقتنا، اجتمعت على رفض أي عدوان، والناس مقتنعون أن وجود الأُسَر في هذه المنطقة وجود متجذر ولا يمكن اجتثاث أيٍّ من المكونات المجتمعية في المنطقة وأن مثل هذه الأفعال الشاذة التي يمارسها المجرمون والمرتزقة ستبقى وصمة عار على كل أبناء المناطق المحيطة في حال تخاذلهم.
واكتشفنا أن المرتزقة يملكون أسلحة حديثة متنوعة قادمة من السعودية، لكن إرادة الناس الصلبة والقيمية كانت أقوى ومتفوقة على المرتزقة وبذلك لم يتمكنوا من التقدم حتى شبراً واحداً.

مقاطعاً.. تقصد أن خللاً كان في دفاع (آل الرميمة) وفي عملية اتصالهم بالمحيط؟
لا. هم باغتوهم، وتعرف أن هذه المجاميع تعتمد على وسيلة الغدر. والذي حصل في منطقة «آل الرميمة» أنهم تعرضوا للغدر، ولم يكن أحد يتوقع مثل ذلك الإجرام الذي حصل ضد بيت الرميمة، وبالفعل ستبقى هذه نقطة سوداء في تاريخ محافظة تعز كلها إن لم يطمسوها عبر القضاء على المرتزقة والتخلص من هذه الآفة البشعة، والحفاظ على المحافظة في المربع الوطني.

أخيراً أستاذ محمود ما الفارق الذي سيصنعه المحافظ الجديد لتعز - عبده الجندي، في المعادلة القائمة في الميدان وما تفرضه الأولوية العسكرية، خصوصاً مع هذه الهجمة الشرسة على المحافظة من قوى العدوان ومرتزقتهم؟
سيكون الجيش واللجان الشعبية إلى جانب السلطة المحلية، باعتبار أن الجيش واللجان الشعبية هم من سيحققون الأمن في المحافظة بمساعدة كل أبنائها مع كل الجهات المسئولة.
وأهمية المحافظ الآن بالدرجة الأولى، تكمن في تثبيت وتعزيز الاستقرار الإداري والسياسي بجانب الاستقرار الأمني.